سوس-ماسة على صفيح ساخن: مشاريع ضخمة تنتظر النور وتحديات تلوح في الأفق

تشهد جهة سوس-ماسة ومدينة أكادير حراكاً تنموياً غير مسبوق، مع إطلاق مجموعة من المشاريع الطموحة التي تهدف إلى تعزيز مكانة المنطقة كقطب اقتصادي وسياحي رئيسي. من الموانئ إلى دعم المقاولات الصغرى، مروراً بمشاريع القرى النائية، تتجه الأنظار نحو مستقبل واعد، رغم وجود تحديات تتطلب يقظة وحسن تدبير.

ميناء أكادير في قلب التحول
يبرز ميناء أكادير كأحد أهم محاور التنمية في المنطقة. فمع فوز شركة Tanger Med Engineering بصفقة دراسة مشروع محطة الرحلات البحرية، تقترب المدينة خطوة أخرى نحو تحقيق حلم طال انتظاره. هذه الدراسة، التي ستستمر لأقل من عام، تهدف إلى تحديد أفضل السبل للاستفادة من الموقع الاستراتيجي للميناء في نشاط الرحلات البحرية السياحية.

يأتي هذا المشروع بالتوازي مع دراسة أخرى من طرف الوكالة الوطنية للموانئ لإنشاء محطة متكاملة لاستقبال السفن السياحية، ببنية تحتية تواكب المعايير الدولية. ومع رصيف خاص بطول 190 مترًا وعمق 10 أمتار، ستكون أكادير قادرة على استقبال بواخر سياحية عملاقة، مثل سفينة “Mein Schiff” التي زارت الميناء مؤخراً، مما يؤكد قدرته التشغيلية ويعزز الثقة في هذا القطاع.

دعم المقاولات الصغرى والتنمية المحلية
لا تقتصر جهود التنمية على المشاريع الكبرى فقط، بل تمتد لتشمل دعم المشاريع الصغرى والمتوسطة. في إطار خارطة الطريق السياحية (2023-2026)، تم اختيار 35 مشروعًا في قطاع السياحة بجهة سوس-ماسة، لتقديم الدعم الفني والمالي لها. هذه المبادرة تهدف إلى تنويع العرض السياحي وخلق فرص جديدة مدرة للدخل المحلي.

على صعيد آخر، صادق مجلس جهة سوس-ماسة على مجموعة واسعة من المشاريع الاجتماعية والاقتصادية والبيئية في دورة يوليو 2025. وتشمل هذه المشاريع إحداث المعهد الوطني للعمل الاجتماعي، وإطلاق قوافل طبية متنقلة، وتأهيل مطار طاطا، بالإضافة إلى مشاريع حيوية في المناطق القروية مثل تزويد الدواوير بالماء الصالح للشرب وتوسيع الشبكات الكهربائية، مما يؤكد التزام الجهة بالتنمية الشاملة.

تحديات التنفيذ وطموحات المستقبل
على الرغم من الطموح الكبير الذي تحمله هذه المشاريع، تبقى هناك تحديات حقيقية. فالتنفيذ الفعلي على أرض الواقع قد يواجه عقبات تتعلق بالتمويل المستدام، والبيروقراطية، والتنسيق بين مختلف المصالح. كما أن هناك انتقادات محلية حول الكفاءة الإدارية وبطء الاستجابة لبعض الأولويات الملحة مثل الصحة والبنية التحتية.

ومع التوسع العمراني والسياحي، تبرز أهمية المراعاة البيئية والتنظيم العمراني لتفادي أي تأثير سلبي على الموارد الطبيعية. ويبقى التحدي الأكبر هو ضمان شمولية الفائدة، بحيث لا تقتصر المشاريع الكبرى على مركز أكادير فقط، بل تمتد لتشمل المناطق القروية والمناطق الجبلية المحتاجة لدعم مماثل.

وبينما تتواصل الجهود الدبلوماسية والجهوية لإطلاق مشروع محور أكادير-جزر الكناري، والذي سيفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي والتجاري، يبقى الأمل معقوداً على أن تتحول هذه المشاريع من خطط على الورق إلى واقع ملموس يعود بالنفع على كل سكان الجهة، ويعزز مكانتها كوجهة رائدة على المستويين الوطني والدولي.

UMANE AYAD

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى