
شهد استوديو التسجيل بعاصمة الفن الأمازيغي في مدينة الدشيرة، والذي يعود للفنانة والشاعرة و الفيلسوفة فاطمة تبعمرانت، زوال اليوم السبت 13 شتنبر، حدثاً فنياً لافتاً، حين قام رائدا السينما الأمازيغية عبد اللطيف عاطيف والحسين برداوز بزيارة خاصة للفنانة الكبيرة فاطمة تبعمرانت، التي كانت بصدد تسجيل أحدث ألبوماتها الغنائية المرتقب صدوره قريباً.
فاطمة تبعمرانت، التي تُعتبر أيقونة الأغنية الأمازيغية بلا منازع، ما تزال تحافظ على حضورها القوي في الساحة الفنية، ليس فقط بصوتها الشجي وكلماتها العميقة، بل أيضاً بقدرتها على تجديد خطابها الفني بما يلامس قضايا الإنسان الأمازيغي وتطلعاته. الألبوم الجديد الذي تعمل عليه حالياً يُرتقب أن يضم ست مقاطع غنائية، تحمل بين ثناياها مزيجاً من الشعر الأمازيغي الأصيل والإبداع الموسيقي المتجدد.
زيارة عبد اللطيف عاطيف والحسين برداوز لتبعمرانت لم تكن مجرد مجاملة عابرة، بل جسّدت تقاطعاً فنياً بين جيلين من المبدعين، جيل الأغنية الأمازيغية الذي أسسته تبعمرانت، وجيل السينما الأمازيغية الذي برز فيه عاطيف وبرداوز كوجهين بارزين ساهمَا في تطوير المشهد السينمائي الناطق بالأمازيغية. هذا اللقاء يعكس عمق الروابط بين مختلف التعبيرات الفنية الأمازيغية التي، رغم اختلاف الوسائط، تلتقي جميعها في الدفاع عن الهوية والثقافة واللغة.
اما الصورة التي جمعت الثلاثة، وأيديهم مرفوعة تحت راية “أزاي” (ⵣ)، تحمل الكثير من الرمزية، إذ تعكس وحدة الفنانين الأمازيغ حول قيم مشتركة قوامها الاعتزاز بالانتماء، والإيمان بدور الفن كجسر للتواصل بين الأجيال. وقد بدا واضحاً أن هذه اللحظة لم تكن مجرد لقاء شخصي، بل حدثاً يوثق لحظة تقاطع بين رموز شكلوا ركائز في تاريخ الثقافة الأمازيغية المعاصرة.
هذا وينتظر الجمهور الأمازيغي والمغربي عموماً بشغف صدور الألبوم الجديد لتبعمرانت، خاصة أنه يأتي بعد فترة من التحضير الدقيق من تبعمرانت في ما يخص الكلمات و الألحان الجميلة التي تبدعها فاطمة شاهو كما عوّدت جمهورها، فإن مضامين أعمالها لن تخرج عن دائرة الدفاع عن الكرامة الإنسانية، والاحتفاء بالهوية والارض.
إن لقاء تبعمرانت بعاطيف وبرداوز يرسّخ مرة أخرى أن الفن الأمازيغي، بمختلف تجلياته، ليس مجرد إبداع فردي، بل هو مشروع جماعي متجدد يتغذى من تلاقح التجارب وتكامل الرؤى. وهو ما يجعل من هذا الحدث لحظة فارقة، تحمل في طياتها رسالة واضحة وهي ان الأمازيغية ستظل حية ومتجددة ما دام أبناؤها يواصلون الإبداع والتضامن فيما بينهم.
الدشيرة : إبراهيم فاضل.