
كشفت تقارير رفعتها أقسام “الشؤون الداخلية” بالعمالات إلى وزارة الداخلية عن أبعاد خطيرة لأزمة “العمال العرضيين” بالجماعات، تتجاوز مجرد تأخر صرف التعويضات. وتُركز هذه المعطيات الآن على شبهات تورط رؤساء جماعات في “إغراق” المصالح الجماعية بأعداد ضخمة من العمال العرضيين لغايات انتخابية صرفة.
التوظيف الانتخابي مقابل النفوذ الإداري
المعلومات الواردة من مصادر عليمة تُشير إلى أن المشكلة الجوهرية تكمن في استغلال هذه الفئة من العمال كأداة لتحقيق مكاسب سياسية. وبدلاً من تقييد دورهم في المهام البسيطة، تم إطلاق يد العمال العرضيين في تدبير مهام حساسة، مما أثر سلباً وبشكل مباشر على سير العمل في المرافق الجماعية الحيوية.
ويتمحور التركيز الآن على ثلاث قطاعات حاسمة هي:
الصفقات: حيث أُسندت مهام تدبيرية في هذا القطاع للعمال العرضيين، مما يفتح الباب أمام شبهات تلاعب بالمال العام وتسهيل معالجات إدارية مشبوهة لصالح منتخبين.
التعمير: وهو قطاع حيوي يرتبط بمنح التراخيص والشهادات. تشغيل العرضيين فيه يُعزز فرضيات استغلالهم لتمرير ملفات تعمير غير قانونية أو مشبوهة.
الجبايات: حيث يمنح هذا التدخل العرضي في تحصيل الموارد ونظام الضرائب الجماعية نفوذاً غير مشروع قد يُستخدم في حملات انتخابية أو لتصفية حسابات.
تحقيقات وشبهات إهدار للمال العام
في هذا الإطار، أكدت مصادر من المديرية العامة للجماعات الترابية عزمها فتح أبحاث إدارية شاملة عبر إيفاد لجان تدقيق مركزية. هذه اللجان لن تقتصر على فحص قيمة التعويضات التي استنزفت ميزانيات الجماعات بالمليارات، بل ستركز على التحري حول ارتباطات هؤلاء العمال بمنتخبين حاليين وسابقين، تأكيداً لشبهات الاستغلال السياسي والانتخابي.
كما ستُدقّق اللجان في كون بعض العمال العرضيين حازوا أختاماً عمومية واطلعوا على أسرار ووثائق بالغة الخطورة، واستُغلوا من قبل منتخبين للحصول على تراخيص وشهادات، أو جرى تسجيلهم بشكل صوري للحصول على تعويضات خارج القانون.
هذا التوظيف المكثف والمخالف للقانون، الذي يكسر عنصر التباعد الزمني ويقترب من شرط الاستمرارية دون احترام المقتضيات القانونية، يضع رؤساء الجماعات تحت طائلة المساءلة القانونية والإدارية، لكونهم فضلوا المصلحة الانتخابية الضيقة على سلامة تدبير المرفق العام وحماية المال الجماعي.



