أفاد شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، أن وزارته قامت باتخاذ مجموعة من الإجراءات لإنصاف الأمازيغية، في تجاوب مع الإرادة الملكية السامية، وتماشيا مع المحددات المنصوص عليها في الدستور، وتفعيلا لمضامين القانون الإطار، وتنزيلا للمخطط الحكومي المندمج لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية.
وأبرز بنموسى، خلال يوم دراسي نظم بمجلس المستشارين حول “دور الفاعل المدني والسياسي في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية”، أنه كان لمختلف التدابير المتخذة، الإدارية والتنظيمية والتربوية والتكوينية، على المستوى المركزي والجهوي والإقليمي، أثر إيجابي على تحسين مؤشرات تدريس الأمازيغية.
وبلغة الأرقام، كشف بنموسى أن عدد مؤسسات التعليم الابتدائي التي تدرس بها الأمازيغية جزئيا أو كليا برسم الموسم الدراسي 2023/2024، بلغ 1803 مؤسسة (930 حضري/873 قروي)، أي بنسبة 31 في المائة من مؤسسات التعليم الابتدائي، كما بلغ عدد المدرسين 1860 مدرسا متخصصاً، وبلغ عدد التلاميذ المستفيدين حوالي 746 ألف تلميذا وتلميذة، وهو ما يمثل 19.5 في المائة من مجموع عدد تلاميذ السلك الابتدائي برسم نفس الفترة، في حين بلغ عدد الأقسام 16529 قسما.
وسجل أن الوزارة تعمل على تعزيز هذه الدينامية في أفق تحقيق نسبة تغطية تصل إلى 50 في المائة خلال السنة الدراسية 2025/2026.
وأورد بنموسى أن وزارة التربية الوطنية اتخذت، تنفيذا لالتزامات خارطة الطريق 2022-2026 “من أجل مدرسة عمومية ذات جودة للجميع”، مجموعة من التدابير والخطوات الإجرائية، التي من شأنها الارتقاء باللغة الأمازيغية والنهوض بها في المنظومة التعليمية، مشيرا إلى أنه تم، على مستوى المجال التنظيمي، العمل على استكمال تعميم تدريس اللغة الأمازيغية في جميع مؤسسات التعليم الابتدائي، من خلال التعميم التدريجي للأمازيغية على جميع مؤسسات التعليم الابتدائي، بما في ذلك الفرعيات، ابتداء من السنة الدراسية 2023/2024 (حاليا، تبلغ نسبة التعميم 31%)؛ ثم تحقيق نسبة تغطية تصل إلى %50 خلال السنة الدراسية 2025/2026؛ بالإضافة إلى بلوغ التعميم التام خلال السنة الدراسية 2029/2030.
وأبرز أن الوزارة قامت كذلك بإعداد خريطة تربوية جهوية خاصة بتدريس اللغة الأمازيغية بالمؤسسات التعليمية الابتدائية برسم المواسم الدراسية 2023/2024 و2024/2025 و2025/2026، وذلك لضبط شبكة المؤسسات التي تدرس بها الأمازيغية وفق منهجية تراعي مبادئ الاستمرارية والتوسيع التدريجي في أفق التعميم.
أما على مستوى الموارد البشرية وتكوين الأطر التربوية، وفي إطار تنفيذ استراتيجية الوزارة الرامية إلى تسريع وتيرة تعميم تدريس الأمازيغية عبر تقوية واستكمال حلقات التكوين الأساس بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين وفروعها، أفاد بنموسى أن الوزارة قامت بالرفع من عدد التوظيفات الخاصة بمدرسي اللغة الأمازيغية بنسبة 50% هذه السنة، حيث تم تخصيص 600 مقعد برسم الموسم التكويني الحالي (دورة دجنبر 2023)، أي بزيادة 200 مقعد عن دورة 2022.
وأشار إلى أن عدد الناجحين في مباريات التوظيف، تخصص أمازيغية، بلغ 478 من المترشحين مبرزا أنه سيتم استدراك 122 منصباً المتبقية في المباريات التي ستجرى يوم 10 فبراير المقبل.
وأفاد بنموسى إلى أن الوزارة قامت، ولأول مرة، بتخصيص 12 مقعدا لتكوين مفتشي التعليم الابتدائي “تخصص اللغة الأمازيغية” ضمن مباراة ولوج مسلك تكوين المفتشين التربويين للتعليم الابتدائي (دورة 2023). وفي نفس الإطار، “تم تخصيص 10 مناصب للأمازيغية ضمن المباراة التي تم تنظيمها في 29 أبريل 2023 لتوظيف المتصرفين من الدرجة الثانية بالوزارة، كما سيتم إدراج الأمازيغية ضمن التكوين الأساس والمستمر لأساتذة المزدوج، مما سيساهم في تسريع وتيرة التعميم”، حسب تعبير الوزير.
وبالنسبة للمستوى البيداغوجي، أبرز بنموسى أنه تم العمل على مراجعة المنهاج الدراسي للغة الأمازيغية بالسلك الابتدائي، بتعاون وثيق مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وتوفير الدلائل البيداغوجية والمعينات والموارد الرقمية التي تغطي منهاج هذا السلك، مع إدراج المضامين الثقافية والتاريخية الأمازيغية في المناهج التربوية للمواد الدراسية، وإصدار كتب مدرسية جديدة للغة الأمازيغية للتعليم الابتدائي مُحيّنة ومصادق عليها في الفترة ما بين 2020 و 2023.
أما في ما يتعلق بالحياة المدرسية، أفاد بنموسى أن الوزارة قامت بإدراج اللغة الأمازيغية ضمن المسابقات الوطنية والجهوية والإقليمية، وخاصة تلك المتعلقة بالتشبيك الموضوعاتي في مجالات فن الخطابة والموسيقى والمسرح والفيلم التربوي والمسابقات الثقافية والأولمبياد اللغوية والشعر والربورتاج الوثائقي والإعلام المدرسي، وغيرها من الأنشطة، بالإضافة إلى تنظيم معارض دورية في الفنون التشكيلية وفي التراث الثقافي الأمازيغي خلال احتفالات الأندية بمناسبة الأيام الوطنية والدولية، وبرمجة وتنزيل أنشطة تربوية من شأنها التعريف والارتقاء باللغة الأمازيغية وتشجيع تداولها، وكذا تخصيص مواكبة إعلامية للأنشطة التعليمية الخاصة باللغة الأمازيغية.
وعلى مستوى التعليم الأولي، وانسجاما مع مقتضيات الفصل 31 من الدستور الذي ينص على حق المواطنات والمواطنين في “التنشئة على التشبث بالهوية المغربية والثوابت الوطنية الراسخة”، أبرز بنموسى أن الوزارة تحرص على استعمال الأمازيغية بالتعليم الأولي في الجهات الناطقة بها، وذلك من خلال التواصل بين المربي (ة) والطفل(ة) في هذه المرحلة باللغة الأم، ةإعمال سياسة القرب من خلال إعطاء الأولوية، خلال عملية الانتقاء التي تشرف عليها الجمعيات لتشغيل المربيات المنتميات للدواوير والمجالات الترابية المحلية.
وفي ما يخص تعزيز استعمال اللغة الأمازيغية وتيسير استفادة الناطقين بها من خدمات القطاع، كشف بنموسى أنه تم توقيع اتفاقية شراكة مع الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، من أجل تعزيز استعمال اللغة الأمازيغية وتيسير استفادة الناطقين بها من خدمات القطاع.
وختم مداخلته بالقول إن الوزارة منخرطة بشكل ملتزم من أجل تنزيل المضامين التربوية المرتبطة بهذا الورش الوطني الهام، انسجاما مع التوجيهات الملكية السامية، “لكن في المقابل، يتطلب تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية مقاربة عرضانية، أساسها الالتقائية والتنسيق والواقعية، كما أن تحقيق الأهداف المنشودة يستدعي تظافر جهود جميع المتدخلين والفاعلين وكل القوى الحية”، حسب تعبيره.