
أعلنت الجامعة الوطنية للصحافة والإعلام والاتصال، التابعة للاتحاد المغربي للشغل، رفضها القاطع لمشروع القانون رقم 25-26 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، متهمة الحكومة بتغييب المقاربة التشاركية والسعي إلى تقويض حرية الإعلام عبر مقترحات تشريعية “تكبيلية” تم إعدادها دون إشراك فعلي للجسم المهني.
جاء ذلك في بلاغ صادر عن المكتب الوطني للجامعة، عقب اجتماع استثنائي عقد يوم الاثنين 14 يوليوز 2025، خُصص لتدارس تطورات المشروعين الحكوميين المتعلقين بالمجلس الوطني للصحافة والصحافي المهني.
تغييب الحوار واستفراد بالقرار
وأبدى المكتب أسفه لما وصفه “النهج الأحادي” الذي تواصل الحكومة اعتماده في التعامل مع قضايا الصحافة والإعلام، حيث عمدت، بحسب البلاغ، إلى عرض مشروعَي القانونين رقم 25-26 و25-27 على البرلمان دون إشراك النقابات المهنية، رغم الوعود السابقة الصادرة عن الوزير الوصي خلال لقاء جمعه بالمكتب الوطني بتاريخ 27 مارس الماضي.
وأشار البلاغ إلى أن الحكومة تجاهلت توصيات المنظمات النقابية والهيئات الاجتماعية والمذكرات القانونية التي دعت إلى تشريع ديمقراطي يحترم حرية التعبير وينأى عن منطق التضييق والعقاب.
اعتراضات جوهرية على مضامين المشروع
وسجلت الجامعة عدداً من الاعتراضات الجوهرية على مشروع القانون رقم 25-26، من أبرزها:
الابتعاد عن المقاربة التشاركية: تم إعداد المشروع دون فتح مشاورات حقيقية مع النقابات، وتم الاكتفاء بـ”اجتهادات” اللجنة المؤقتة للصحافة، التي تتهمها الجامعة بتقديم تصورات أحادية لا تخدم مصالح المهنيين ولا حرية الإعلام.
تقويض التمثيلية الديمقراطية: يقترح المشروع انتخاب ممثلي الصحافيين عبر الاقتراع الفردي المباشر، بدل نظام اللائحة، ما تعتبره الجامعة إضعافاً للعمل النقابي وتهميشاً للأصوات الجماعية والتصورات السياسية، مقابل تغليب الاعتبارات الفردية.
تهميش الناشرين الصغار والمتوسطين: ينص المشروع على تعيين ممثلي الناشرين بالانتداب، مع منح الأفضلية للمقاولات ذات الرساميل الكبيرة والمستفيدة من الإشهار، مما يُقصي الناشرين المستقلين ويكرّس الهيمنة الاقتصادية داخل المجلس.
منح صلاحيات زجرية واسعة للمجلس: يوسع المشروع صلاحيات المجلس الوطني للصحافة لتشمل توقيف الصحف الرقمية والورقية، وهو ما تعتبره الجامعة مساً خطيراً بحرية الصحافة، حيث تبقى هذه الصلاحيات، وفق القانون الجاري به العمل، من اختصاص القضاء.
دعوة لتعديلات جوهرية ونضال وحدوي
بناءً على هذه الملاحظات، دعت الجامعة الوطنية للصحافة فرق الأغلبية والمعارضة في مجلسي البرلمان إلى إدخال تعديلات جوهرية على المشروع، تأخذ بعين الاعتبار المذكرات والاقتراحات التي تقدم بها الجسم الصحفي، وعلى رأسها مذكرة الجامعة المؤرخة في ماي 2024.
كما وجه المكتب الوطني دعوة لكافة النقابات والجمعيات العاملة في مجال الصحافة والإعلام لتوحيد الجهود وخوض أشكال نضالية مشتركة، دفاعاً عن تجربة التنظيم الذاتي للقطاع، ودرءاً لأي مشروع حكومي يسعى إلى إعادة البلاد إلى حقبة التضييق على الحريات.
لحظة مفصلية في مسار حرية الصحافة
ويؤكد البلاغ أن هذه المرحلة تشكل لحظة مفصلية في مسار حرية الإعلام بالمغرب، تتطلب يقظة مهنية ووحدة تنظيمية، من أجل التصدي لكل التشريعات التي تهدد المكاسب المحققة، وتجعل من الحقل الإعلامي رهينة لمقاربة سلطوية تُقصي الحوار وتُغيب التعددية.
وختمت الجامعة بلاغها بتأكيد التزامها التام بالدفاع عن حرية الصحافة والحقوق المهنية للصحافيين، داعية الحكومة إلى مراجعة نهجها والانخراط في حوار جدي ومسؤول، يُفضي إلى تشريعات ديمقراطية تكرس الاستقلالية المهنية وتخدم الصالح العام.