اشتوكة آيت باها: شبح العمال العرضيين والمتدربين يهدد الإدارة الجماعية ويثير تساؤلات حول حكامة تدبير الموارد البشرية

في مشهد يثير الكثير من التساؤلات والقلق، كشفت معطيات متطابقة عن تفشي ظاهرة تشغيل العمال العرضيين والمتدربين داخل عدد من جماعات إقليم اشتوكة آيت باها. هذه الظاهرة، التي تتحدى مضامين الدورية الوزارية الصادرة عن وزارة الداخلية، والتي تشدد على ضرورة تنظيم علاقة الجماعات مع هذه الفئة، وتمنع إسنادهم مهام حساسة أو تمكينهم من الاطلاع على الوثائق الإدارية الرسمية، تعكس خللاً هيكلياً في تدبير الموارد البشرية بالجماعات المعنية.

بطالة مستشرية وتوظيف غير قانوني:

في الوقت الذي تعاني فيه المنطقة من نسب بطالة مرتفعة في صفوف الشباب المؤهلين الحاصلين على شواهد جامعية وتكوينية، تتجه بعض الجماعات إلى الإبقاء على وضعيات غير قانونية. ويتجلى ذلك في تشغيل متدربين لمدد تفوق في بعض الحالات 16 سنة، إضافة إلى الاعتماد بشكل مفرط على العمال العرضيين، الذين بات عددهم يتجاوز عدد الموظفين الرسميين، كما هو الحال بجماعة سيدي بيبي، مما يثير تساؤلات حول أولويات التوظيف وشفافيته.

مصالح حيوية تحت إدارة غير قانونية:

وفقاً للمعطيات التي حصلت عليها الجريدة، فإن مصالح حيوية داخل جماعات مثل سيدي بيبي أصبحت تُدار من قبل أعوان عرضيين أو متدربين، دون سند قانوني أو تعيين إداري. هذا الوضع يمثل خرقاً واضحاً للضوابط التنظيمية والإدارية المعمول بها، ويضع مصير الملفات الحيوية في أيدي غير مخولة قانونياً.

16 عاماً من “التدريب” في المصلحة التقنية:

من أبرز ما تم رصده في هذا الصدد، وجود متدرب في المصلحة التقنية لجماعة سيدي بيبي يشتغل منذ أزيد من 16 سنة، دون أن يتم إدماجه أو فتح مباراة للتوظيف. يثير هذا الوضع استغراباً كبيراً، خصوصاً أن هذا القسم يُعد من أكثر المصالح حساسية، لارتباطه مباشرة بتدبير الملفات التقنية الكبرى، ومنها رخص البناء والتصاميم والتجهيزات، مما يفتح الباب أمام تساؤلات حول مدى الكفاءة والمسؤولية في معالجة هذه الملفات.

وفي قسم المالية، لا يختلف الوضع كثيراً، إذ يشتغل متدرب آخر منذ 8 سنوات بنفس المهام، في غياب أي تأطير قانوني أو إداري واضح. كما شهد قسم تصحيح الإمضاءات حالات مشابهة، حيث تتواجد أسماء عرضية عملت بالمصلحة بين 5 و8 سنوات، وهو ما يدل على استمرارية هذه الممارسات المخالفة للقانون.

توقيعات مشبوهة وخرق للضوابط:

تجاوزت الخروقات حد التكليف بالمهام، حيث أشارت مصادر محلية إلى واقعة خطيرة تمثلت في إقدام إحدى العاملات العرضيات على توقيع شهادة لفائدة شركة خاصة، دون تسجيلها في دفتر التسجيلات الرسمي، ودون سلك المساطر القانونية المعتمدة أو حتى علم رئيس المصلحة المعنية. هذه الواقعة تطرح علامات استفهام خطيرة حول سلامة الإجراءات المتبعة، وتكشف حجم الفوضى الإدارية التي تسود بعض المكاتب، مما قد يعرض مصالح المواطنين للخطر.

الدورية الوزارية… بين التوجيه والتجاهل الصارخ:

وكانت وزارة الداخلية قد أصدرت دورية صارمة تُلزم رؤساء الجماعات بعدم تمكين العمال العرضيين من مهام تتجاوز طبيعتهم التعاقدية، مع ضرورة تجديد عقودهم بانتظام، والتأكيد على منع اطلاعهم على الوثائق الإدارية الحساسة، وتفادي استغلالهم في أغراض سياسية أو انتخابية. ويبدو أن هذه التوجيهات الوزارية تُضرب بها عرض الحائط في بعض الجماعات بإقليم اشتوكة آيت باها، مما يعكس تحدياً واضحاً للسلطة المركزية وتجاهلاً للقوانين المنظمة للعمل الإداري.

دعوات ملحة لتحقيق شفاف ومحاسبة حقيقية:

في ظل هذه المعطيات المقلقة، ارتفعت الأصوات المطالبة بتدخل عاجل من عامل إقليم اشتوكة آيت باها، السيد محمد سالم الصبتي، من أجل فتح تحقيق شفاف ونزيه في مدى احترام الجماعات المعنية للدورية الوزارية. كما يطالب الفاعلون المحليون بالتحري في العلاقات التي تربط بعض هؤلاء العمال غير النظاميين بالمنتخبين، ومدى استغلالهم في قضايا تدبيرية أو انتخابية تخالف القانون.

ويأمل عدد من الفاعلين المحليين أن تشكل هذه التحركات بداية لإعادة هيكلة الموارد البشرية داخل الجماعات، عبر فتح مباريات للتوظيف تضمن تكافؤ الفرص، وتقطع مع ممارسات الزبونية والولاءات، وتحترم كفاءات أبناء الإقليم العاطلين عن العمل منذ سنوات، لتكون الإدارة في خدمة المواطن وتعمل وفق مبادئ الشفافية والنزاهة.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى