
تصدرت قضية سرقة ألواح الطاقة الشمسية والبطاريات من مستودع قيد الإنشاء المشهد السياسي والقضائي في المغرب، وكشفت عن خيوط متشابكة من المصالح المتضاربة، وأثارت تساؤلات حول نزاهة بعض الصفقات العمومية. لكن ما يميز هذه القضية هو الدور الحاسم الذي لعبه القضاء ، والذي أكد على استقلاليته ونزاهته، حيث طبق القانون بحزم ودون أي اعتبار للخلفيات السياسية أو الاجتماعية للمتورطين.
بدأت خيوط القضية تتكشف عندما أعلن رئيس إحدى الجماعات عن صفقة عمومية لتوريد أكشاك حراسة ليلية متطورة، تعتمد على الطاقة الشمسية في الإنارة والشحن. وقد فازت بالصفقة شركة قدمت عرضًا مبتكرًا يلبي جميع الشروط المطلوبة.
إلا أن تنفيذ العقد واجه عراقيل غير متوقعة، حيث تزامنت مع محاولة واضحة لتعطيل المشروع. فبحسب مصادر مطلعة، يُشتبه في أن رئيس الجماعة، الذي كان يسعى على ما يبدو لمنح الصفقة لشركة أخرى، قد كلف شقيقه بسرقة ألواح الطاقة الشمسية والبطاريات من المستودع، مما أدى إلى تعثر الشركة الفائزة في تنفيذ بنود العقد، وهو ما استغله رئيس الجماعة للمطالبة بفسخ الاتفاق.
لكن التحقيقات الأمنية والقضائية كانت حاسمة، حيث كشف تحليل البصمات عن وجود بصمات شقيق رئيس الجماعة في مسرح الجريمة، مما عزز أقوال صاحب الشركة المتضررة، الذي أكد أن الهدف من السرقة كان عرقلة مشروعه وإقصاؤه من الصفقة.
وأمام هذه الأدلة القاطعة، لم يتردد القضاء المغربي في تطبيق القانون بكل حزم، حيث أصدر حكمًا بالسجن النافذ لمدة سنة واحدة في حق شقيق رئيس الجماعة، وذلك بعد استكمال التحقيقات وجمع الأدلة التي أدانت المتهم بشكل لا لبس فيه.
تؤكد هذه القضية على أن السلطات القضائية المغربية تتعامل مع قضايا الفساد والسرقة بكل جدية ودون أي تمييز، وأنها ماضية في ترسيخ مبدأ سيادة القانون وتحقيق العدالة، بغض النظر عن الخلفيات الاجتماعية أو السياسية للمتورطين.
وقد أشادت العديد من الهيئات الحقوقية والجمعوية والسياسية بحياد القضاء واستقلاليته، مثمنةً عدم استجابته لأي ضغوط حاولت تبرئة المتهم، على الرغم من كونه شقيق مسؤول سياسي ينتمي إلى أحد الأحزاب المشاركة في الحكومة. هذه الواقعة تعزز الثقة في المؤسسات القضائية وتؤكد أن دولة القانون فوق كل الاعتبارات الشخصية أو السياسية.
وفي الوقت الذي لا تزال فيه التساؤلات قائمة حول دور الجهات المعنية بمراقبة تنفيذ الصفقات العمومية ومدى توفر الضمانات الكافية لحماية حقوق المقاولين، تظل هذه القضية نموذجًا مشرفًا لنزاهة القضاء، ورسالة واضحة بأن أي محاولة لاستغلال النفوذ أو التلاعب بالصفقات العمومية لن تمر دون محاسبة عادلة.
وبات مستقبل رئيس الجماعة على المحك، إذ يُطرح السؤال حول ما إذا كان سيواجه تبعات سياسية بسبب هذه الفضيحة، وهل سيفقد مقعده نتيجة التداعيات القانونية والأخلاقية التي أحاطت بهذه القضية. فالتحقيقات قد تمتد لتشمل مسؤوليته المباشرة في هذه الوقائع، مما قد يضعه تحت طائلة المساءلة، وهو ما سيحدد مستقبله السياسي خلال الأيام المقبلة.
مقالات دات صلة:
انزكان:الحمامة تطرح حصيلة نصف الولاية وتستمع لتطلعات المواطنين
عمال النظافة بانزكان: الجنود المجهولون في مواجهة الطبيعة وآثارها