جاءت مداخلة النائب البرلماني خالد الشناق، خلال مناقشة الميزانية القطاعية داخل لجنة القطاعات الإنتاجية بمجلس النواب، أمس الخميس بحضور السيد أحمد البواري وزير الفلاحة، لتشكل دعوة جادة للتأمل في الوضعية المتأزمة التي يعاني منها القطاع الفلاحي في المغرب. واعتُبرت هذه المداخلة جرس إنذار حقيقي، نظراً لكون القطاع الفلاحي يُعدّ ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، حيث يسهم في الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي، كما يساهم في تعزيز الناتج الداخلي الخام وجلب العملة الصعبة من خلال الصادرات. وأكد أن تشخيص القطاع يكشف عن جهود جبارة بذلت عبر مخططي “المخطط الأخضر” و”الجيل الأخضر”، إلا أن الظروف المناخية الصعبة أبرزت ضرورة مراجعة بعض الجوانب للتكيف مع تغيرات المناخ.
أزمة الحوامض وتحديات إنتاج وتصدير الفاكهة
ألقى الشناق الضوء على أزمة إنتاج الحوامض، حيث كانت جهة سوس ماسة رائدة في هذا المجال، ولكن القطاع يشهد تدهوراً كبيراً. وأشار إلى أن عشرات الآلاف من الهكتارات المتخصصة في زراعة الحوامض تضررت، ما أثّر سلباً على العاملين في القطاع. ولفت إلى أن صادرات المغرب من الحوامض تراجعت بشكل كبير بعد أن كانت تصل إلى 700 ألف طن، مطالباً وزارة الفلاحة بوضع استراتيجية مواكبة للمزارعين ودعمهم لإيجاد منتجات بديلة تسد الفجوة.
تأخر الإعانات المالية: الحاجة إلى تسريع الدعم
وتطرق الشناق إلى مسألة الإعانات، مشيراً إلى أن الفلاحين يعانون من تأخير طويل في دراسة ملفاتهم المتعلقة بالإعانات. وأوضح أن المزارعين لا يستطيعون الانتظار طويلاً للحصول على الدعم، وأن التأخير يعرضهم لخطر الإفلاس. وطالب الوزارة بتسريع إجراءات دراسة الملفات وصرف الإعانات، خاصة وأن الفلاحين يواجهون تحديات مع قروض البنوك وتكاليف الأسمدة والأدوية الضرورية.
تحلية المياه: ضرورة السرعة والفعالية
وفيما يتعلق بأزمة المياه، أكد الشناق أن الفلاحة تعتمد بشكل أساسي على الموارد المائية منذ الاستقلال، وأن ندرة المياه تهدد استمرارية القطاع. وأثنى على جهود الحكومة لتعويض العجز من خلال مشاريع تحلية مياه البحر، لكنه شدد على أهمية السرعة في تنفيذ هذه المشاريع نظراً لتأثيرات الجفاف وضرورة تأمين مياه مستدامة للقطاع الزراعي في المناطق المتضررة، خاصة في جهة سوس ماسة.
سلسلة القطيع وإشكالية الحليب واللحوم
نبه النائب إلى التدهور الحاصل في إنتاج الحليب واللحوم، مشيراً إلى أنه حذر من هذا الأمر قبل عامين. وطالب بإجراءات عملية واستباقية لضمان استمرارية الإنتاج الحيواني في المغرب، مضيفاً أن التحديات المائية تؤثر على قطاع الماشية أيضاً، وتستدعي تحركاً سريعاً من الحكومة ووزارة الفلاحة.
أسواق الجملة: ضرورة تحديث القطاع اللوجستي
أشار الشناق إلى توصيات المهمة الاستطلاعية بخصوص أسواق الجملة، حيث تعاني هذه الأسواق من ضعف في اللوجستيات وغياب وسائل التبريد، ما يؤدي إلى هدر 30% من الخضر والفواكه. وأشار إلى أهمية مشروع السوق الجهوي لسوس ماسة كحل لهذه المشكلة، لافتاً إلى أن المشروع قد يحقق نتائج إيجابية تعود بالنفع على سلاسل الإنتاج.
يشار الى أن السوق الجهوي لسوس ماسة سيقام بتراب جماعة القليعة على مساحة 24 هكتارا، وستخلق هذه المنشأة الجديدة، التي تقدر طاقتها الاستيعابية من الفواكه والخضر بنحو 700.000 طنا، أكثر من 13 ألف فرصة عمل، بما في ذلك 8700 فرصة شغل غير مباشرة.
و يسهم هذا المشروع، الذي يدخل ضمن استراتيجية الجيل الأخضر، في تحديث وتحسين قنوات تسويق المنتجات الفلاحية، وتعزيز دور جهة سوس ماسة كقطب فلاحي متميز، و سيتم من خلال هذه الاسواق تحسين ظروف التوزيع وجودة المنتجات الفلاحية.
دعوة للتفاعل المسؤول مع هواجس الفلاحين
اختتم الشناق مداخلته بالتأكيد على ثقته في أن وزير الفلاحة سيتفاعل مع هذه التحديات بجدية، مشيراً إلى تجربة الوزير الواسعة التي تؤهله للتعامل مع المشاكل المتراكمة في القطاع. وأضاف أن الفلاحين والمزارعين يعولون على تجاوب الوزارة مع هذه القضايا لضمان استدامة القطاع ودعمه في مواجهة التحديات الراهنة.
A.Boutbaoucht
مقالات ذات صلة:
مجلس جماعة القليعة يصادق على مشروع سوق جهوي جديد لتعزيز قطاع الفلاحة والتشغيل