صادق مجلس جماعة القليعة، يوم السبت 16 مارس 2024، خلال دورته الاستثنائية، على مشروع إحداث سوق جهوي من الجيل الجديد لبيع الخضر والفواكه والمنتجات الفلاحية بالجملة. ويعتبر هذا المشروع خطوة هامة في إطار تطوير أسواق الجملة وتنظيم الأسواق في المدن المغربية، بما يسهم في تحسين ظروف التسويق وتنمية القطاع الفلاحي في جهة سوس ماسة.
مواصفات المشروع وأهدافه
سيتم إقامة السوق الجهوي الجديد على مساحة 24 هكتارًا، وستصل طاقته الاستيعابية إلى حوالي 700.000 طن من الخضر والفواكه. وتعتبر هذه المنشأة الجديدة فرصة لتوفير أكثر من 13 ألف فرصة عمل، منها 8700 فرصة شغل غير مباشرة. ويتوقع أن يسهم المشروع في توفير بيئة ملائمة لتسويق المنتجات الفلاحية، وتحسين جودة التوزيع، مما يعزز دور جهة سوس ماسة كقطب فلاحي متميز على الصعيد الوطني.
ويأتي هذا المشروع في إطار استراتيجية “الجيل الأخضر” التي تهدف إلى تطوير البنية التحتية الفلاحية في المغرب وتحسين قنوات التسويق، بما يضمن استدامة القطاع الفلاحي ويدعمه في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية. كما يدخل هذا المشروع ضمن الجيل الجديد من أسواق الجملة الجهوية التي تم تدشينها بمدينة الرباط، ويُنتظر أن يتم إنشاء أربعة أسواق أخرى مماثلة في جهات فاس مكناس، والشرق، مراكش آسفي، وسوس ماسة.
آراء متباينة حول المشروع
تباينت آراء ساكنة مدينة القليعة والمتابعين للشأن المحلي بشأن أهمية هذا المشروع، حيث اعتبر البعض أن السوق الجهوي الجديد سيشكل فرصة كبيرة لتنشيط الاقتصاد المحلي وتوفير فرص العمل، خاصة في صفوف شباب المدينة الذين يعانون من البطالة. ويطالب هؤلاء بضرورة منح الأولوية لشباب القليعة في استغلال فرص العمل التي سيوفرها المشروع، نظراً لأن حوالي 50% من شباب المدينة يحملون شواهد ودبلومات في تخصصات متنوعة. ويرون أن المشروع يمكن أن يساهم في تقليص نسبة البطالة، خصوصًا في ظل تحول المدينة إلى وجهة للمستثمرين وأصحاب المشاريع.
وفي الجهة المقابلة، يرى مهتمون بالمشروع أن فكرة نقل سوق الجملة للخضر والفواكه من مدينة إنزكان إلى تراب جماعة القليعة فكرة صائبة، إذ أن سوق إنزكان يعاني من ازدحام في الطرقات وتزايد العمران، مما يعيق استمراريته. ويعتبرون أن الفضاء المتواجد بالقرب من المنطقة اللوجيستية على طريق تزنيت هو الأنسب لهذا المشروع، لما يوفره من مساحة واسعة وظروف لوجيستية ملائمة.
التحديات والانتقادات
ومع ذلك، لا يخلو المشروع من معارضين، الذين يرون أن الفكرة قد تواجه صعوبة في التطبيق، مستدلين على تجربة سوق البواكر في أيت ميمون، إقليم شتوكة أيت بها، الذي تم تشييده في التسعينات لكنه لم يحقق النجاح المنتظر، حيث ما زالت المحلات مغلقة إلى اليوم ولا تؤدي أي دور اقتصادي، رغم موقعها في قلب المنطقة الفلاحية لسهل شتوكة أيت بها. هذا النموذج يُثير القلق لدى بعض المواطنين والمراقبين الذين يتساءلون عن الأسباب التي أدت إلى فشل تلك التجربة، مما يثير تساؤلات حول مدى قدرة المشروع الجديد على تحقيق أهدافه.
رغم تعدد الآراء حول مشروع السوق الجهوي بالقليعة، إلا أن هذا الأخير يمثل خطوة هامة في مسار تحسين أسواق الجملة وتنظيم قطاع التسويق الفلاحي في المغرب. إذا تم تنفيذ المشروع بشكل جيد وتم توفير الدعم اللازم، فإنه قد يسهم بشكل كبير في تطوير قطاع الفلاحة وتعزيز فرص التشغيل في المنطقة. وفي ذات الوقت، تظل مسؤولية جميع الأطراف المعنية، من جماعة القليعة إلى وزارة الفلاحة، تفعيل هذه المشاريع على أرض الواقع وتفادي التحديات التي قد تواجهها لضمان نجاحها واستدامتها.