حين تواجه الأكاذيب بالحقائق: قصة حوار فكري حول قضية الصحراء المغربية

شهد أحد المؤتمرات العلمية في الدوحة لقاءً غير عادي بين أستاذ مغربي متخصص في التاريخ المعاصر وأستاذ جامعي من جيبوتي مقيم في فرنسا. هذا اللقاء الذي جرى على هامش جلسة حوارية للمؤتمر كشف عن الاختلافات الجذرية في فهم قضية الصحراء المغربية، والطرق التي يشكل بها الإعلام والتأثيرات السياسية تصورات الشعوب تجاه هذه القضية.

ابتدأ الحديث بين الأكاديميين بنقاش حول الإنجازات الرياضية المغربية، خاصة تألق المنتخب المغربي في كأس العالم المقامة في قطر. غير أن الحوار سرعان ما انتقل إلى موضوع سياسي تاريخي حساس حول وضع الصحراء المغربية، حيث عبّر الأستاذ الجيبوتي عن آراء مخالفة حول القضية، بناءً على ما ترسخ لديه من معلومات خلال فترة إقامته في فرنسا واحتكاكه بطلبة جزائريين آنذاك. ومن هنا، حاول الأستاذ المغربي تصحيح الأفكار المغلوطة بأسلوب علمي ومنهجي، فقدم معلومات تاريخية دقيقة، تستند إلى وثائق وحقائق تشهد على مغربية الصحراء منذ العصور القديمة وحتى فترة الاستعمار الإسباني.

بدأ الأستاذ المغربي بعرض تاريخ الصحراء التي لم تكن يومًا دولة مستقلة، بل كانت دومًا جزءًا من الأراضي المغربية، مشيرًا إلى اتفاقيات تاريخية مثل معاهدة 1895 مع بريطانيا التي أكدت السيادة المغربية على الأراضي الصحراوية. واستعرض تواريخ مهمة في هذا السياق، كخطاب الملك محمد الخامس في 1958 بمحميد الغزلان، الذي أكد فيه عزم المغرب على استرجاع صحرائه، وكذلك المسيرة الخضراء التي نظمت في 1975 بعد رأي استشاري من محكمة العدل الدولية يعترف بالعلاقات التاريخية بين القبائل الصحراوية والسلاطين المغاربة.

كما لفت الأستاذ المغربي نظر زميله إلى أن النظام الجزائري أسهم بشكل كبير في تأسيس جبهة البوليساريو بهدف خلق توتر في المنطقة، وأن هذا التدخل يسعى لتحقيق مصالحه الجيوسياسية، مثل السعي للوصول إلى المحيط الأطلسي، وتصفية حسابات سياسية تعود إلى فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر.

الحوار، الذي تحول من جلسة تعارف إلى نقاش تاريخي عميق، أبرز كيف تُسهم المعطيات المشوهة في بناء صورة غير دقيقة لدى بعض الأفراد. ودعا الأكاديمي المغربي زميله إلى الاطلاع على مصادر تاريخية متنوعة وإجراء أبحاث علمية، مما أتاح فرصة لإعادة النظر في الحقائق بعيدًا عن الخطاب الدعائي.

أهمية التحاور وتنوير الحقائق

يعكس هذا النقاش أهمية الانفتاح على آراء مغايرة واستخدام الحوار لتصحيح التصورات التاريخية الخاطئة، وخاصة في القضايا الحساسة التي تُستغل فيها الروايات المشوهة لأغراض سياسية.

 

A.Boutbaoucht

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى