
شرعت عناصر المفتشية العامة للمالية، استنادا إلى إشعارات متكررة من آمرين بالصرف في مؤسسات ومقاولات عمومية، في تنفيذ عمليات تدقيق ميدانية موسعة، شملت عشرات الصفقات العالقة في حسابات الجهات صاحبة المشاريع.
ويأتي هذا التدخل بعد رصد اختلالات في مساطر تصفية هذه الصفقات بسبب “وثائق مبتورة” في ملفاتها.
وأفادت مصادر جيدة الاطلاع بأن المفتشين لاحظوا تزايدا في رفض آمرين بالصرف التأشير بالأداء مقابل الأشغال والخدمات، والإفراج عن مستحقات شركات استفادت من صفقات منذ سنوات، بسبب غياب وثائق أصلية أساسية، تشمل محاضر المصادقة، وأوامر الخدمة، وعقود الالتزامات، وقرارات لجان التسليم.
وأكدت المصادر أن التفتيش ركز على صفقات تم تنفيذها في ظروف غير موثقة ودون محاضر تسليم رسمية، حيث عمل المفتشون على تحديد المسؤوليات الإدارية والتقنية وفق النصوص المنظمة للطلبيات والصفقات العمومية.
ومن المنتظر، حسب المصادر ذاتها، إحالة نتائج التقارير النهائية على المجلس الأعلى للحسابات والنيابة العامة المختصة لاتخاذ الإجراءات التأديبية والقانونية اللازمة بحق المسؤولين الذين شابت تعاملاتهم شبهات التلاعب بمستحقات عن صفقات عمومية وتبديد الوثائق الرسمية.
كما أشارت المصادر إلى أن المفتشين استفسروا عن ظروف اختفاء وثائق خاصة بصفقة استشارة هندسية في إحدى المؤسسات العمومية بالدار البيضاء، بعدما رفض آمر الصرف الأداء بسبب غياب النسخ الأصلية المهمة، وتبين أن الملف المقدم لم يزد عن وثيقة الالتزام بالنفقة وبعض المستخرجات الأولية للأعمال المنجزة.
وطالب المفتشون آمرين بالصرف بتزويدهم بمحاضر تصفية الصفقات العالقة لضمان الالتزام بالإجراءات القانونية، خصوصا ما يتعلق بمراسلة الشركات والأطراف المتعاقدة للحصول على الوثائق الأصلية التي تثبت حجم الأشغال والتوريدات.
وذكرت المصادر أن التدقيق شمل التحقق من صحة الوثائق المقدمة من طرف مقدمي الخدمات والممونين، بعد أن تبين زيف بعض الوثائق، ما يمهد لاتخاذ إجراءات قانونية تشمل منع المتورطين من المشاركة في الصفقات، وصولًا إلى المتابعة القضائية.
يشار إلى أن وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، سبق أن أعلنت عبر مذكرة عممتها على الخزنة والمحاسبين في المؤسسات العمومية، عن تحديث آلية التصريح بالوثائق الإثباتية الإلكترونية لصرف النفقات الخاصة بسندات الطلب.
وأعفت المذكرة أعضاء لجان طلبات العروض من توقيع بعض الوثائق الإثباتية مثل عقد الالتزام وكشف الأسعار وبيان التفاصيل التقديري، فيما ألزمت الآمرين بالصرف بتقديم نسخ مطابقة للأصل من الوثائق المستخرجة من بوابة الصفقات العمومية لضمان صحتها ومسؤوليتهم الكاملة.
كما حددت المذكرة الوثائق اللازمة لصرف النفقات، بما في ذلك: سند الطلب موقعًا من الآمر بالصرف، تقرير يوضح موضوع السند وعدد المنافسين والمبلغ الفائز، فاتورة تحمل عبارة “مستحق الأداء”، وصل استلام الخدمات، وأي شروط مرجعية إذا وجدت، إضافةً إلى شهادة إدارية عند عدم وجود منافسة.



