بعد دخول قانون الإضراب حيز التنفيذ.. تنسيقيات فئوية تتحول إلى نقابات

مع بدء تطبيق قانون الإضراب، يبدو أن المشهد النقابي المغربي مقبل على إعادة تشكل عميقة، قد تعيد رسم علاقة الشغيلة بأدواتها التنظيمية وطرق التعبير عن مطالبها.

فمنذ دخول القانون التنظيمي للإضراب حيّز التنفيذ قبل شهرين، سارعت عدد من التنسيقيات الفئوية والهيئات المهنية إلى اتخاذ خطوات عملية للتحول إلى تنظيمات نقابية قانونية، بحثا عن شرعية مؤسساتية تمكنها من مواصلة الدعوة إلى الإضراب ضمن إطار معترف به قانونيا.

وقد برزت خلال السنوات الأخيرة تنسيقيات مهنية قادت احتجاجات وإضرابات واسعة في قطاعات متعددة، غير أن القانون الجديد حصر حق الدعوة إلى الإضراب في النقابات الأكثر تمثيلية أو النقابات التي تتوفر على التمثيلية، ما أسقط أي أساس قانوني للإضرابات التي كانت تشرف عليها تنسيقيات خارج الإطارات النقابية.

وكانت التنسيقية الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي التأهيلي أول من انخرط في هذا المسار، بعد عقد جمع عام تأسيسي يوم الاثنين 14 يوليوز 2025، أعلنت خلاله تأسيس “النقابة الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي التأهيلي”. واعتبر المؤسسون هذه الخطوة “لبنة أولى للحفاظ على مكتسبات الحراك التعليمي ومواجهة ما يحاك ضد الأستاذ والمدرسة العمومية بالنضال المؤسساتي”، كما جرى الإعلان عن تشكيل مكتب وطني جديد.

وفي اتجاه مشابه، عقد التقنيون المغاربة مؤتمرهم التأسيسي قبل أيام، معلنين ميلاد “الهيئة الوطنية للتقنيين المغاربة”، وهي المجموعة نفسها التي قادت عشرات الإضرابات والمسيرات خلال السنوات الماضية. ويُنتظر أن يمنحها التحول إلى نقابة غطاءً قانونياً لأنشطتها الاحتجاجية المستقبلية.

وتتوقع مصادر نقابية أن تتجه تنسيقيات فئوية أخرى إلى الخيار نفسه، لضمان استمرار تأثيرها وحضورها الميداني في ظل واقع قانوني جديد حصر ممارسة الإضراب في التنظيمات النقابية.

هذا التحول يطرح أسئلة ملحة حول كيفية تفاعل السلطات مع هذه الهيئات الجديدة، إذ يبقى الغموض قائما بشأن ما إذا كانت وزارة الداخلية ستقبل ملفات تأسيس نقابات فئوية غير مركزية، أم أنها ستتجه إلى رفضها كما حدث سابقا مع نقابة أساتذة التعليم الثانوي. وفي المقابل، تبرز تساؤلات أخرى حول موقف المركزيات النقابية من هذه الدينامية الجديدة، خصوصاً أن نشطاء التنسيقيات لطالما برروا ظهور تنظيماتهم الموازية بعدم تفاعل النقابات التقليدية مع مطالبهم الفئوية أو عدم دفاعها عنها بالشكل المطلوب.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى