قصة السدود في المغرب.. بين إرث الراحل الحسن الثاني ورؤية جلالة الملك لضمان الأمن المائي

على مدى عقود، كان المغرب يبني رؤيته لمواجهة تحديات ندرة المياه عبر إنجاز مشاريع استراتيجية للبنية التحتية المائية، بقيادة الملك محمد السادس، الذي أعاد إحياء الإرث الكبير لرؤية الراحل الحسن الثاني، مؤسس المغرب الحديث، في مجال تدبير الموارد المائية وتأمين مستقبل مستدام للماء.

منذ مطلع الألفية الثالثة، وبفضل التوجيهات الملكية السديدة التي أكد جلالته عليها مرارًا في خطبه السامية، انطلقت أوراش ضخمة في جميع أنحاء المملكة لبناء سدود كبرى ومتوسطة وصغيرة، تندرج ضمن الاستراتيجية الوطنية للماء (2009-2020) والبرنامج الوطني الممتد (2020-2027). هذه المشاريع تهدف إلى ضمان الأمن المائي، سواء لمياه الشرب، أو لسقي الأراضي الزراعية، أو لتوليد الطاقة الكهرمائية، فضلًا عن الحماية من الفيضانات.

لقد شهد المغرب خلال السنوات الماضية تسارعًا ملحوظا في وتيرة بناء السدود، حيث وصل عددها إلى 154 سدًا كبيرًا حتى سنة 2024، بطاقة تخزينية إجمالية تفوق 20 مليار متر مكعب. من أبرز هذه السدود: سد الرتبة بجهة فاس مكناس الذي تجاوزت أشغاله 38%، وسد تامري بإقليم أكادير بسعة 204 مليون متر مكعب، وسد خنك كرو بإقليم فجيج بسعة 1070 مليون متر مكعب، إلى جانب سدود كبرى أخرى كقدوس، وتيداس، وتودغى، وأكدز، وفاصك، وامداز.

يرى مسؤولون محليون مثل عبد الحق أبو سالم، نائب رئيس مجلس جهة فاس مكناس، أن الاهتمام بقضية الماء لم يكن فقط مسألة تقنية، بل تحديًا وطنيًا حقيقيًا، يتطلب تعبئة كافة الأطراف. ففي ظل سنوات الجفاف المتتالية وتغير المناخ، انتقل المغرب من مجرد تدبير النقص إلى مواجهة ندرة مستدامة، تستدعي تطوير بنية تحتية متينة وشاملة.

وفي هذا الإطار، تحظى مشاريع تحويل ونقل المياه بين الأحواض، وتحلية مياه البحر بأهمية متزايدة، كونها حلولًا مبتكرة لمواجهة التحديات المناخية. كما أن البرنامج الملكي للماء (2021-2027) يهدف إلى تجاوز الفوارق الجهوية وتوفير مياه الشرب والري بشكل عادل، لا سيما في المناطق القروية، تعزيزًا للتضامن الوطني وتحقيقًا للسيادة المائية.

باختصار، يقود المغرب تحت إشراف جلالة الملك محمد السادس، مسارا متطورا في تدبير موارده المائية، استكمالًا لرؤية الراحل الحسن الثاني التي أرست أساس الاستراتيجيات المائية الوطنية، وهو مسار يتسم بالإصرار والحداثة، ويضمن تأمين احتياجات الأجيال الحالية والمستقبلية في مختلف مناطق المملكة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى