سيدي عبد الله البوشواري: بين مهرجانات الزّواق وعطش الساكنة

في مفارقة تنموية صارخة، تعيش جماعة سيدي عبد الله البوشواري واقعاً يختزل تناقضات التنمية في المغرب، حيث تتنافس المشاريع التلميعية والاحتفالات الصاخبة مع أزمة عطش يومية تنهش كرامة الساكنة. فبينما تُنفق ملايين الدراهم على مهرجانات تضاهي كبرى التظاهرات ومشاريع “شّعة” تعكس تضخماً في الإنفاق، يبقى الماء الصالح للشرب حلماً بعيد المنال لسكان هذه الجماعة.

“الماء.. حق أم استجداء؟”

ليس العطش هنا مجرد كلمة، بل واقع يومي يفرض على الساكنة رحلة بحث مضنية عن قطرة ماء. فبدلاً من إيجاد حلول دائمة لأزمة مزمنة، دعت جماعة سيدي عبد الله البوشواري، في إعلان صادر عن رئيس المجلس الجماعي بتاريخ 2025/05/20، السكان إلى “التسجيل” في قوائم انتظار شاحنات الصهريج، والتي يُفترض أن توفر الماء الصالح للشرب في أوقات عمل محددة تمتد من يوم الاثنين إلى يوم الجمعة، من الساعة 8:30 صباحًا إلى الساعة 16:30 زوالًا. هذا الإجراء، الذي يضع المواطن في خانة المستجدي للحقوق الأساسية، يتناقض بشكل صارخ مع حجم الأموال المصروفة على “الزواق” والمهرجانات التي لا تقدم إجابات على سؤال محوري: كيف يمكن تبرير غياب الماء في جماعة تحتضن احتفالات بملايين الدراهم؟

ويشير مراقبون إلى أن هذه “التنمية المزيفة” ليست وليدة الصدفة، بل هي محرك انتخابي بامتياز. فـ”الفارس المغوار” الذي يروج لثقافة “الشركات ذات الملاعق الذهبية”، يبدو عاجزاً أمام مشهد شاحنات الماء المتتالية، بينما تُختزل مشاريعه في بهرجة تُجسد مقولة “إذا غاب الماء حضر المهرجان”.

“الزواق” في مواجهة أولويات الناس

رغم أن الماء يُعتبر أولوية قصوى، وهو ما أكد عليه جلالة الملك نصره الله مراراً في خطبه، إلا أن الواقع على الأرض يعكس سياسة “الأذن الصماء”. فبدلاً من توجيه المال العام نحو حلول جذرية تنهي معاناة السكان من العطش، تُصرف الأموال على مهرجانات هدفها الرئيسي إسكات السخط المؤقت ومشاريع ظاهرها “التنمية” لكن باطنها ترقية انتخابية لأحزاب الأغلبية ومشاريع “شّعة” تضيء الشوارع بينما تظل بيوت السكان في ظلام العطش.
النتيجة هي “تنمية معكوسة”، حيث كلما زادت المشاريع التلميعية، تآكلت ثقة المواطن، واتسعت الفجوة بين الخطاب الرسمي والواقع المعيش.

مطالبات بمحاسبة “الفارس غير المغوار”

الساكنة في سيدي عبد الله البوشواري تدرك جيداً كيف تتحول أموالها إلى “كاش” و”جاه” لفئة محدودة، بينما تُترك هي لتناضل من أجل قطرة ماء. ويتساءل ناشطون عن مدى معقولية أن تظل هذه “الجماعة العجيبة الغريبة” نموذجاً للإدارة الفاشلة.

الرسالة واضحة من الساكنة: “لا زواق يُغطي العطش، ولا مهرجان يعوّض غياب الحكامة”. وحتى تتحقق التنمية الحقيقية، يجب كسر هذه الآلة الانتخابية التي تختزل المواطن في مجرد “رقم تسجيل” ينتظر الصهريج، بينما تُنفق الملايين على الأضواء الزائفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى