
في خطوة مفاجئة أنهت جدلاً مجتمعياً واسعاً، قررت الحكومة ، ممثلة في وزارة النقل واللوجستيك، تعليق حملة المراقبة الصارمة التي استهدفت الدراجات النارية المعدلة تقنياً، والتي عرفت باسم “الدراجات النارية 50 سي سي”. وجاء هذا القرار، الذي تم اتخاذه بتوجيه مباشر من رئيس الحكومة عزيز أخنوش، بعد أربعة أيام فقط من انطلاق الحملة، ليمنح سائقي الدراجات مهلة انتقالية مدتها 12 شهراً لتسوية أوضاعهم.
السلامة أولاً.. ولكن بهدوء
في تصريحات للمسؤول الحكومي، عبد الصمد قيوح، التي كشفت أسباب هذه الحملة، أكد أن القرار لم يكن اعتباطياً، بل جاء استجابة لواقع مؤلم على الطرقات المغربية. فالإحصائيات الرسمية لعام 2024 تشير إلى أن حوادث السير التي تسببت فيها الدراجات النارية ذات المحرك الصغير “CC-50” أدت إلى وفاة 25 شخصاً، 65% منهم من راكبي هذه الدراجات أنفسهم. والسبب الرئيسي، كما أوضح الوزير، هو التعديلات التقنية التي ترفع سرعتها من 50-65 كم/ساعة إلى 85 كم/ساعة، مما يؤدي إلى إصابات خطيرة وإعاقات دائمة.
ورغم هذه الأرقام المخيفة، وما حققته الحملة من نتائج إيجابية أولية تمثلت في انخفاض حوادث السير بنسبة 20% بفضل تشديد المراقبة، إلا أن قرار التعليق جاء لتهدئة الأوضاع.
تدخل سياسي وحكمة إدارية
قرار التعليق لم يكن تراجعاً عن مبدأ السلامة، بل كان خطوة سياسية مسؤولة لإيجاد حل شامل ومقبول من الجميع. وبحسب مصدر مطلع، فقد أجرى رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، اتصالاً مباشراً بالوزير قيوح لتعليق الحملة، في خطوة هدفها إعطاء مهلة انتقالية للسائقين للتأقلم مع الضوابط القانونية.
وفي السياق، أكد الوزير قيوح أن “الموضوع لم يكن تسييسه أكثر من ماهو تقني”، مشيراً إلى أن الهدف من التعليق ليس هو التخلي عن المراقبة، بل هو إيجاد صيغة جديدة ملائمة لجميع الأطراف المعنية. هذه الصيغة ستكون نتاج حوار مع الشركاء، بما في ذلك المهنيون والمستهلكون والموردون، لضمان حل مستدام لا يُستغل في حملات انتخابية.
مهلة السنة.. خطوة نحو التوعية والرقابة
الفترة الانتقالية الممنوحة لسائقي الدراجات النارية، والتي تصل إلى 12 شهراً، ستشمل برامج توعوية واسعة للتحسيس بمخاطر التعديلات التقنية على السلامة الطرقية. كما سيتم تشديد الرقابة على المستوردين لضمان عدم دخول دراجات لا تحترم المعايير المعمول بها إلى السوق المغربي.
هذا القرار يعكس حكمة إدارية في التعامل مع قضية اجتماعية معقدة، حيث تم الجمع بين هدف تحقيق السلامة الطرقية وبين مراعاة مصالح المواطنين، مما يمهد الطريق لحل توافقي يخدم المصلحة العامة دون إثارة المزيد من الجدل.