
تتجه الأنظار في مدينة آيت ملول، اليوم الاثنين 12 مايو الجاري، صوب وقفة احتجاجية سلمية ينظمها العشرات من الحرفيين والصناع التقليديين أمام مقر ملحقة جماعة آيت ملول الكائن بحي المسيرة ، وذلك في تمام الساعة التاسعة صباحًا بالتزامن مع انعقاد الجلسة الثانية لدورة ماي. تأتي هذه الخطوة النضالية تعبيرًا عن حالة الاستياء العميق والإحباط المتزايد في صفوف الحرفيين، الذين يشعرون بتجاهل تام وتهميش مُمنهج من قبل المجلس الجماعي، على الرغم من الجهود الحثيثة التي بذلها عامل الإقليم وتكللت بموافقة وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني على دعم مشروعهم.
لقد تحول مشروع الحي الحرفي بازرو، الذي كان يُفترض أن يشكل قاطرة للتنمية المحلية ومبعث فخر للساكنة، إلى مصدر قلق وتهديد حقيقي لمستقبل هذه الفئة المهنية. فالتغييرات الجذرية التي طالت تصميم التهيئة القطاعي المعروض حاليًا للبحث العمومي، وعلى وجه الخصوص استبدال الرمز المخصص للمنطقة الحرفية برمز جديد يرسخ هيمنة الأنشطة التجارية الكبرى، قوبلت باستنكار واسع من الحرفيين الذين يرون في ذلك خطرًا وجوديًا يهدد مصالحهم ومستقبلهم المهني.
ويؤكد الحرفيون أن هذا القرار ليس مجرد خطأ تقني، بل هو مؤشر واضح على سياسة متعمدة لتهميش الحرف التقليدية لصالح كبار المستثمرين، وهو ما يتناقض بشكل صارخ مع الجهود المقدرة التي بذلها عامل الإقليم مشكورًا لدعم هذه الفئة الحيوية. فبعد ترافعه المستميت لدى وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، حصل على موافقة الوزارة على المساهمة في مشروع إحداث منطقة للأنشطة الصناعة التقليدية الملونة بأيت ملول بمبلغ 4 ملايين درهم برسم سنة 2024، شريطة التسوية الكاملة والتامة للعقار الذي سيخصص للمشروع. إلا أن المجلس الجماعي ظل على تعنته وأدار ظهره لكل هذه المساعي والموافقة الوزارية الهامة، مُصرًا كعادته على السباحة ضد التيار وتجاهل مصالح الحرفيين وتطلعاتهم.
فسنوات من الوعود المعسولة والإجراءات البيروقراطية المعرقلة، بالإضافة إلى هذا التجاهل الصارخ لجهود عامل الإقليم والموافقة الوزارية، لم تترك للحرفيين خيارًا آخر سوى النزول إلى الشارع للمطالبة بحقوقهم المشروعة والتعبير عن رفضهم لهذا التعنت غير المبرر واللامبالاة بمستقبل قطاع حيوي للاقتصاد المحلي.
وتتمثل المطالب الملحة التي يرفعها الحرفيون اليوم في إعادة الرمز الحرفي إلى مكانه الأصلي في تصميم التهيئة، وإجراء مراجعة شاملة للمشروع تضمن حقوق هذه الفئة التي تُعدّ عصب الاقتصاد المحلي، والأخذ بعين الاعتبار الموافقة الوزارية التي تحققت بفضل جهود عامل الإقليم. كما يعبر الحرفيون عن خيبة أملهم إزاء موقف المجلس الجماعي الذي لم يُعر أي اهتمام لنداءاتهم ولا للفرصة الثمينة التي أتاحها تدخل عامل الإقليم.
إن هذه الوقفة الاحتجاجية ليست مجرد حدث عابر، بل هي حلقة جديدة في سلسلة طويلة من النضال الذي تخوضه فئة الحرفيين دفاعًا عن وجودها المهني وكرامتها، في ظل صمت وتجاهل من الجهة المسؤولة الأولى عن تلبية مطالبهم وعرقلة لمبادرات التنمية التي يسعى إليها عامل الإقليم. إنها صرخة مدوية تهدف إلى إسماع صوت من لا صوت لهم في أروقة صنع القرار، وتأكيد على أهمية الإنصات لمطالب الحرفيين واستثمار الفرصة التي تحققت بفضل مساعي عامل الإقليم، لما لذلك من تأثير حاسم على مستقبلهم المهني وعلى مسار التنمية المحلية في المدينة.