المناظرة الجهوية بأكادير: نحو سياسة عمومية تشاركية للنهوض بالرياضة

في سياق وطني يتسم بدينامية رياضية غير مسبوقة، ورغبة ملحة في إعادة صياغة العلاقة بين الجمهور والممارسة الرياضية، احتضنت مدينة أكادير، يوم الثلاثاء 22 أبريل 2025، المناظرة الجهوية حول التشجيع الرياضي بجهة سوس ماسة، تحت شعار: “من أجل تشجيع رياضي يعزز قيم الانتماء والانضباط ويكرس السلوك المدني”. المبادرة نظمتها ولاية جهة سوس ماسة، وجمعت مسؤولين حكوميين ومنتخبين، وممثلين عن السلطة القضائية والأمنية، وخبراء ومفكرين، إلى جانب فعاليات رياضية بارزة ووجوه من عالم الكرة.

سياق وطني وتحولات كبرى
يأتي تنظيم هذه المناظرة في خضم حراك وطني واسع يشهده المغرب، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، والذي أسفر عن ثقة دولية متزايدة في قدرة المغرب على تنظيم كبريات التظاهرات الكروية، وعلى رأسها نهائيات كأس إفريقيا للأمم 2025 وكأس العالم 2030. كما أن النجاحات المتوالية للمنتخبات الوطنية في مختلف الفئات العمرية رسخت أهمية الاستثمار في البعد الجماهيري للرياضة، كعنصر محوري لإنجاح هذه المكتسبات.

كلمة تأطيرية تكرّس الرؤية الترابية
في كلمته التأطيرية، شدد السيد سعيد أمزازي، والي جهة سوس ماسة، على ضرورة اعتماد مقاربة ترابية تعتمد الشراكة بين الدولة والجهة والجماعات الترابية، داعياً إلى بلورة رؤية موحدة تأخذ بعين الاعتبار العدالة المجالية، وتضع نصب أعينها خصوصيات كل منطقة. وأكد أن الرهان لا يقتصر على النتائج الرياضية، بل يشمل بناء جمهور مسؤول، يعكس القيم الوطنية في الانضباط والتعايش.

عرض أمني يؤسس لحكامة ميدانية
من جانبه، قدم الخبير الأمني أحمد بولحباش، مدير أكاديمية الأمن الخاص، عرضاً تناول فيه أربعة محاور مركزية: رهانات التأطير الأمني، التنظيم التشاركي، حسن الضيافة، وتجربة قطر النموذجية خلال مونديال 2022. وقد شدد على أن الجمهور الرياضي ليس مجرد عنصر متفرج، بل ركيزة أساسية في ترسيخ الأمن الجماهيري وإنجاح التظاهرات، داعياً إلى تكوين مهنيين في الأمن الخاص بمقاربة احترافية.

ورشات المناظرة: من التشجيع الحضاري إلى أمن الملاعب
عرفت المناظرة تنظيم ورشتين موضوعيتين:

الورشة الأولى ناقشت تعزيز ثقافة التشجيع الحضاري، والاستفادة من التجربة المغربية في كأس العالم بقطر، واستثمار الزخم الجماهيري في الترويج للسياحة والهوية المغربية، مع التركيز على دور الإعلام في التوجيه والتأطير، وأهمية حيادية التعليق الرياضي.

الورشة الثانية تناولت الجوانب الأمنية، حيث دعا المتدخلون إلى اعتماد تشريعات تحمي الفضاء الرياضي، وتؤطر حدود الحرية في التشجيع، مع التركيز على المرافقة التربوية والثقافية لمكافحة العنف، واعتماد تدابير أمنية استباقية تراعي الفئات الهشة (نساء، أطفال، مسنون).

شهادات دولية… ورسائل الأبطال
وشكل حضور النجمين الدوليين السابقين صلاح الدين بصير وعزيز بودربالة لحظة مؤثرة في فعاليات المناظرة، حيث أشادا بالعلاقة الفريدة بين الجمهور المغربي ومنتخبه الوطني، داعيَين إلى مواكبة الطاقات الشابة، وتعزيز قيم التضامن والاحترام والتفاني في الملاعب والمدرجات.

مخرجات وتوصيات
أسفرت المناظرة عن جملة من التوصيات التي ستشكل أرضية لصياغة سياسة جهوية للتشجيع الرياضي، من أبرزها:

إعداد استراتيجية جهوية متكاملة للتشجيع الحضاري؛

إطلاق حملات تحسيسية بشراكة مع الإعلام؛

تعزيز التنسيق بين الأندية والجمعيات والسلطات؛

تسويق الهوية الرياضية الجهوية عبر وجوه مؤثرة؛

إدماج ثقافة التشجيع الإيجابي داخل المؤسسات التعليمية؛

تعزيز البنيات الرياضية وفتحها في وجه العموم.

ختام واعد نحو المناظرة الوطنية
اختُتمت أشغال المناظرة بالدعوة إلى مواصلة التعبئة استعدادًا للمناظرة الوطنية حول التشجيع الرياضي، المنتظرة أن تشكل منعطفاً في رسم ميثاق وطني جديد يعيد الاعتبار للجمهور المغربي كمحور أساسي في المنظومة الرياضية، ويكرس التشجيع الحضاري كقيمة مضافة في المشروع التنموي للمملكة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى