
في خطوة تعكس يقظة برلمانية وغيرة على جيوب المواطنين، وجه النائب البرلماني خالد الشناق، عن فريق حزب الاستقلال بمجلس النواب، سؤالاً شفوياً آنياً إلى وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، يستنكر فيه استمرار أسعار المحروقات في الارتفاع داخل السوق المغربية، رغم الانهيار الكبير الذي تشهده الأسعار العالمية للنفط.
سوق محلية “صماء” أمام انهيار الأسعار العالمية
أكد السؤال البرلماني أن سعر برميل النفط من نوع “خام برنت” – الذي يعتمده المغرب كمرجع أساسي – انخفض إلى أقل من 60 دولاراً، مع توقعات بأن يهوي إلى حدود 40 دولاراً في الأسابيع المقبلة، بسبب تراجع الطلب العالمي وقرار منظمة “أوبك+” الإبقاء على سقف الإنتاج الحالي. ومع ذلك، لا يزال المواطن المغربي يدفع ثمناً مرتفعاً للبنزين والديزل، دون أي انعكاس لهذا الانخفاض التاريخي.
أين العدالة؟”.. سؤال الشناق الذي يحرج الحكومة
استنكر النائب الشناق في سؤاله هذا التناقض الصارخ، قائلاً: *”كيف تُبرر الحكومة عدم تراجع الأسعار المحلية رغم الانهيار الكبير في الأسعار العالمية؟ وما هي الإجراءات العاجلة التي ستتخذها لضمان حقوق المواطنين؟”*. وأضاف أن “الأسعار المرتفعة للمحروقات تُثقل كاهل الأسر المغربية، التي تعاني أصلاً من أزمة غلاء المعيشة، بينما تستفيد جهات غير معلومة من هذا الفارق غير المبرر”.
شركات التوزيع تتذرع بـ”الآلية الأوتوماتيكية”.. والمواطن ينتظر!
رداً على هذه الاستفسارات، نقلت مصادر إعلامية عن مسؤول في تجمع النفطيين المغاربة أن انخفاض الأسعار العالمية سيؤثر “تلقائياً” على المحطات المحلية “في القريب العاجل”، مشيراً إلى عوامل أخرى تؤخر هذا الانعكاس، مثل المخزونات القديمة، تكاليف النقل، والضرائب. لكن هذه التبريرات لم تعد تقنع الرأي العام، خاصة مع تكرار السيناريو نفسه كلما انخفضت الأسعار عالمياً، بينما ترتفع فوراً عندما تعود الأسعار للصعود!
مطالبات بآلية شفافة ومراقبة صارمة
يُعيد هذا النقاش الجدل القديم حول شفافية تسعير المحروقات في المغرب، حيث لا توجد آلية واضحة وفورية لربط الأسعار المحلية بالتقلبات العالمية، مما يفتح الباب أمام شبهات استغلال الفوارق من قبل بعض المتدخلين في السوق. وفي هذا الصدد، يطالب البرلماني الشناق – ومعه العديد من الخبراء – بضرورة فرض رقابة حكومية صارمة على هوامش ربح الشركات، وتقنين عملية التحديد الأسعار بما يضمن العدالة للمواطن.
الحكومة بين مطرقة الشركات وسندان الغضب الشعبي
الضغط المتزايد على الحكومة يجعلها في موقف حرج: فمن جهة، لا يمكنها تجاهل استفزاز الأسعار الثابتة في وقت تنخفض فيه التكاليف العالمية، ومن جهة أخرى، تخشى من التصادم مع لوبيات التوزيع التي قد تتحجج بمتطلبات السوق. لكن مع استمرار اليقظة البرلمانية وضغط الرأي العام، يبدو أن الوقت قد حان لاتخاذ قرارات جريئة تحمي المواطن من استغلال غير مبرر.
يبقى سؤال النائب الشناق مشروعاً وملحاً، وهو يعكس دور البرلماني الغيور الذي لا يقف متفرجاً أمام الخلل الذي يضر بمعيشة الناس. فهل ستجيب الحكومة بإجراءات ملموسة، أم ستستمر سياسة “الانتظار” حتى تهدأ العاصفة؟