
أطلقت السلطات المحلية في عدة أقاليم وعمالات بالجهة الشرقية، عمليات ميدانية تعتمد على الطائرات المسيرة “الدرون” لمراقبة البناء العشوائي والتصدي الفوري للخروقات في المجال الترابي. وتمت هذه العمليات خصوصاً في مناطق مصنفة ضمن البؤر الحساسة عمرانياً، خاصة بمدينة وجدة وضواحيها، حيث تم تحليق عدد من الطائرات المسيرة بإشراف طاقم تقني متخصص يستخدم أنظمة مراقبة عالية الدقة تلتقط صوراً جوية محدثة بشكل دوري وتحلل التغيرات الطارئة على النسيج العمراني بشكل فوري، مع توثيق رقمي لأي مخالفة تُسجل.
تأتي هذه التدخلات في سياق محاولة ضبط الاختلالات العمرانية المتنامية في الجهة الشرقية، خاصة في ظل التوسع غير المنظم للبناء في المدن وضواحيها، والذي أدى إلى زحف البناء العشوائي على حساب الأراضي الزراعية ومجالات التوسع الحضري المقنن.
وتسعى السلطات إلى توسيع رقابة البناء لتشمل مدناً ومراكز حضرية أخرى في الجهة الشرقية والشمالية الشرقية ضمن استراتيجية تعتمد على منظومة مراقبة حضرية ذكية، تستعمل أحدث التقنيات وتعمل على تكوين مستمر للأطر المحلية من أجل ضمان شفافية أكبر في تدبير المجال الترابي واحترام ضوابط التعمير.
وتتزامن هذه التحركات مع تقارير رسمية أشارت إلى ارتفاع كبير في حالات البناء العشوائي خلال أشهر الصيف، خاصة مع انطلاق عمليات تحرير الملك العام ومحاربة البناء غير القانوني. وقد كشفت صور جوية حصلت عليها الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والخرائطية والمسوحات الطبوغرافية عن تنامي ظاهرة تشييد منازل بدون ترخيص في المناطق الفلاحية وعلى مشارف السواحل، إضافة إلى احتلال الملك العمومي البحري.
رافق هذا التصعيد تحركات إدارية وتفتيشية أدت إلى إقالة عدد من أعوان السلطة من مراكز مقدمين وشيوخ، بسبب تورطهم في التستر على مخالفات التعمير وتحويل صلاحياتهم في المعاينات الميدانية إلى مصدر غير مشروع للدخل، لا سيما في ظل تورط بعضهم في حماية أوراش سرية ومنشآت غير قانونية لإنتاج الأكياس البلاستيكية المحظورة.
وفي هذا السياق، وجهت وزارة الداخلية مراسلات تذكيرية إلى عدد من العمال على خلفية تقاعسهم في عقد اجتماعات ملزمة بخصوص تفعيل القانون الخاص بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء، وذلك بعد رصد تأخر ملحوظ في تنفيذ التوجيهات الوزارية التي تشدد على ضرورة تسريع وتيرة مراقبة الأوراش ومكافحة البناء العشوائي، مع إلزامية تحرير تقارير مفصلة حول نتائج هذه الاجتماعات، تمهيداً لتفعيل منظومة متكاملة لضبط الخروقات العمرانية.
تلعب الطائرات المسيرة دوراً محورياً في هذه الاستراتيجية، إذ تُمكّن السلطات من رصد التغيرات الطارئة في النسيج العمراني بسرعة ودقة، ما يعزز من قدرتها على اتخاذ الإجراءات القانونية في الوقت المناسب، ويُسهم في الحد من ظاهرة التوسع العشوائي التي تهدد التنمية المستدامة في الجهة الشرقية.