كشف وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، عن أهم التعديلات التي قدمتها الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، على رأسها التنصيص في عقد الزواج على التعدد من عدمه بناء على رأي الزوجة الأولى، إضافة إلى عدم سقوط حضانة المطلقة بعد زواجها، زيادة على حق الزوج أو الزوجة في الاحتفاظ ببيت الزوجية بعد وفاة أحدهما، وتحديد الزواج الاستثنائي للقاصر في 17 سنة.
وأكد وهبي، صباح اليوم الثلاثاء في لقاء تواصلي مع وسائل الإعلام الوطنية خصص لعرض المضامين الرئيسية لمراجعة مدونة الأسرة بمقر أكاديمية المملكة المغربية بالرباط، أن من بين ما تم اعتماده، تأسيسا على مقترحات الهيئة والرأي الاستشاري للمجلس العلمي الأعلى، “إمكانية توثيق الخطبة، واعتماد عقد الزواج لوحده لإثبات الزوجية كقاعدة، مع تحديد الحالات الاستثنائية لاعتماد سماع دعوى الزوجية، وتعزيز ضمانات زواج الشخص في وضعية إعاقة، مع مراجعة للإجراءات الشكلية والإدارية المطلوبة لتوثيق عقد الزواج.
ومن بين المقترحات المقدمة، التي بلغت 139 مقترح تعديل شملت الكتب السبعة للمدونة، إمكانية عقد الزواج، بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج، دون حضور المسلمين في حال تعذر ذلك، وتحديد أهلية الزواج بالنسبة للفتى والفتاة في 18 سنة شمسية كاملة، مع وضع استثناء للقاعدة المذكورة، يحدد فيها سن القاصر في 17 سنة، مع تأطيره بعدة شروط تضمن بقاءه، عند التطبيق، في دائرة “الاستثناء”.
واقترحت الهيئة إجبارية استطلاع رأي الزوجة أثناء توثيق عقد الزواج حول اشتراطها عدم التزوج عليها، من عدمه، والتنصيص على ذلك في عقد الزواج. وفي حال اشتراط عدم التزوج عليها، فلا يحق للزوج التعدد وفاء منه بالشرط”.
وأضاف وهبي أنه في حال غياب هذا الاشتراط، فإن “المبرر الموضوعي الاستثنائي” للتعدد، سيصبح محصورا في إصابة الزوجة الأولى بالعقم، أو بمرض مانع من المعاشرة الزوجية، أو حالات أخرى، يقدرها قاضي وفق معايير قانونية محددة، تكون في الدرجة نفسها من الموضوعية والاستثنائية”.
ومن بين المقترحات أيضا إحداث هيئة، غير قضائية، للصلح والوساطة، يكون تدخلها مطلوبا، مبدئيا، في غير حالة الطلاق الاتفاقي، مع حصر مهمتها في محاولة الإصلاح بين الزوجين، والتوفيق بينهما في ما يترتب عن الطلاق من آثار”.
وأكد وزير العدل أن الهيئة اقترحت جعل الطلاق الاتفاقي موضوع تعاقد مباشر بين الزوجين، دون الحاجة لسلوك مسطرة قضائية، وتقليص أنواع الطلاق والتطليق، بحكم أن التطليق الشقاق يغطي جلها، وتحديد أجل ستة (6) أشهر كأجل أقصى للبت في دعاوى الطلاق والتطليق”.
ودعت الهيئة إلى تأطير جديد لتدبير الأموال المكتسبة أثناء العلاقة الزوجية، مع تثمين عمل الزوجة داخل المنزل، واعتباره مساهمة في تنمية الأموال المكتسبة خلال قيام العلاقة الزوجية.
كما حملت المقترحات إجراءات رقمية، بينها اعتماد الوسائل الإلكترونية الحديثة للتبليغ في قضايا الطلاق والتطليق، مع قبول الوكالة في هذه القضايا باستثناء مرحلة الصلح والوساطة.
وفي ما يتعلق بموضوع الحضانة، فقد اقتُرح اعتبارها حقا مشتركا بين الزوجين أثناء قيام العلاقة الزوجية، مع إمكانية امتداده، في حال الاتفاق، بعد انفصام العلاقة الزوجية، وتعزيز الحق في سكنى المحضون، بالإضافة إلى وضع ضوابط جديدة فيما يخص زيارة المحضون أو السفر به.
ودعت هيئة مراجعة مدونة الأسرة، وفق وهبي، إلى عدم سقوط حضانة الأم المطلقة على أبنائها بالرغم من زواجها، كما طالبت بوضع معايير مرجعية وقيمية تراعى في تقدير النفقة، وكذا آليات إجرائية تساهم في تسريع وتيرة تبليغ وتنفيذ أحكامها.
وتابع وهبي أن الهيئة اقترحت “جعل النيابة القانونية مشتركة بين الزوجين في حال قيام العلاقة الزوجية وبعد انفصامها. وفي الحالات التي لا يتأتى فيها الاتفاق بين الزوجين، على أعمال النيابة القانونية المشتركة، يُرجع، في ذلك إلى قاضي الأسرة للبت في الخلاف الناشئ، في ضوء معايير وغايات يحددها القانون”.
ودعت أيضا إلى تحديد الإجراءات القانونية التي يتعين على المحكمة سلكها من أجل ترشيد القاصر، وتعزيز الحماية القانونية لأمواله، وفرض الرقابة القضائية على التصرفات التي يجريها وليه أو وصيه أو المقدم عليه.
ونصت المقترحات أيضا على حق الزوج أو الزوجة بالاحتفاظ ببيت الزوجية، في حالة وفاة الزوج الآخر، وفق شروط يحددها القانون.
ودعت إلى تفعيل مقترح المجلس العلمي الأعلى، بخصوص موضوع “إرث البنات”، القاضي بإمكانية أن يهب المرء قيد حياته ما يشاء من أمواله للوارثات، مع قيام الحيازة الحكمية مقام الحيازة الفعلية، زيادة على فتح إمكانية الوصية والهبة أمام الزوجين، في حال اختلاف الدين.
وأكد وهبي أنه بالنظر إلى أن الأمر يتعلق بمراجعة عميقة لمدونة الأسرة، فسيتم تبني صياغة بعبارات حديثة، من خلال استبدال بعض المصطلحات سيما إذا توقف العمل بها في منظومتنا القانونية والقضائية
وفيما يتعلق بالمقترحات ذات الصبغة العامة، الهادفة إلى مواكبة هذا الإصلاح، أورد وزير العدل أنها همت “توفير الموارد البشرية المؤهلة والكافية للاضطلاع بقضايا الأسرة من قضاة وأطر، مع ضمان التكوين التخصصي المستمر، إضافة إلى مراجعة المساطر والإجراءات في قضايا الأسرة، مع وضع دليل عملي ومرجعي للمدونة، وتسهيل الولوج إلى القضاء الأسري، عبر إحداث “شباك موحد” على مستوى محاكم الأسرة، وتأهيل المقبلين على الزواج، من خلال توعيتهم بالحقوق والواجبات المترتبة عن الزواج مع إقرار سياسة عمومية مواكبة للموضوع.