الحركة المدنية التصحيحية بالدشيرة: ولادة أمل جديد من رحم التحديات

في خطوة نوعية تعكس وعيًا متزايدًا بضرورة التصحيح المدني والمشاركة الفاعلة في تدبير الشأن المحلي، أعلنت مجموعة من الفاعلين والغيورين على مدينة الدشيرة الجهادية عن تأسيس ما سُمي بـ”الحركة المدنية التصحيحية للدشيرة”، كإطار مدني جماعي مستقل، يهدف إلى المساهمة الجادة والمسؤولة في إصلاح الأعطاب التنموية والاختلالات التدبيرية التي تُثقل كاهل المدينة وساكنتها.

البيان التأسيسي، الذي وُقّع من طرف ثلة من النشطاء المحليين، جاء محمّلاً بروح المبادرة والمسؤولية، ومؤسسًا لمرحلة جديدة عنوانها: من التذمّر إلى الفعل، ومن الانتقاد إلى المساهمة. وقد أكد الموقعون أن حركتهم ليست امتدادًا لحزب سياسي أو واجهة انتخابية، بل هي تعبير صادق عن تطلع ساكنة الدشيرة إلى نموذج مدني بديل، يتسم بالنزاهة والوضوح والالتزام.

تصحيح المسار من أجل استعادة الثقة
ترتكز الحركة في مرجعيتها على قيم الشفافية، والمساءلة، والمواطنة الفاعلة، وتؤمن أن إصلاح أعطاب التدبير المحلي لا يمكن أن يتم من داخل المؤسسات وحدها، بل عبر تأطير المجتمع المدني وتحفيزه على القيام بدوره كاملاً، بعيدًا عن منطق الولاءات أو الحسابات الضيقة.

ومن بين الأهداف الأساسية التي سطرتها الحركة في بيانها:

فضح مظاهر العبث، الزبونية، والمحسوبية في تدبير الشأن المحلي.

تشجيع مشاركة المواطنات والمواطنين في صنع القرار الجماعي.

تتبع ومواكبة المشاريع العمومية، وضمان احترام معايير الجودة والجدوى.

دعم الكفاءات الشبابية والنخب المحلية للانخراط في الحياة العامة بشفافية.

الدفاع عن الملك العمومي والمرافق الاجتماعية باعتبارها حقوقًا جماعية لا يُسمح بتفويتها أو المساس بها.

من أجل دشيرة تستحق الأفضل
ما يميز هذه المبادرة أيضًا هو تبنيها لخطاب جامع، بعيد عن منطق الإقصاء أو التشنج، حيث وجّه المؤسسون نداءً مفتوحًا إلى كافة مكونات المجتمع المحلي: من شباب ومثقفين، ونساء وتجار، وطلبة ومتقاعدين، من أجل الالتفاف حول أهداف الحركة والانخراط في دينامية إصلاحية تقوم على الفعل الميداني المنظم والتشاركي، لا على التراشق أو الشعبوية.

المبادئ المؤسسة: لا ولاء إلا للدشيرة
شدد البيان على التزام الحركة بـ:

الاستقلالية الكاملة عن أي جهة سياسية.

النزاهة التي ترفض تحويل المبادرة إلى مطية انتخابية أو انتهازية.

المسؤولية في طرح الملفات وفتح النقاشات بشكل مؤطر ومبني على معطيات.

التشاركية كخيار استراتيجي يفتح المجال أمام كل من يحمل هم المدينة ويريد الخير لها.

 هل تكون الحركة نقطة تحول؟
في ظل واقع تعرف فيه مدينة الدشيرة تراكمًا ملحوظًا في الإخفاقات التدبيرية، وتراجعات على مستويات عدة (الخدمات، التخطيط، البنيات التحتية، التنمية الثقافية والاجتماعية…)، تبدو “الحركة المدنية التصحيحية” بمثابة صوت جديد يحمل أملاً بديلاً، ويطرح نفسه كرافعة من روافع التغيير السلمي والمؤطر.

غير أن الرهان الأكبر اليوم ليس في إعلان المبادئ وحدها، بل في ترجمتها إلى برامج ملموسة، وتحقيق تراكم نضالي ميداني، قادر على استقطاب الساكنة وفتح حوارات عمومية مسؤولة، تمهد لتصحيح المسار الذي تستحقه الدشيرة.

فهل تنجح هذه الحركة في إعادة الثقة للمواطن؟ وهل تتحول إلى قوة اقتراحية مؤثرة في القرار المحلي؟ أسئلة ستجيب عنها الأيام المقبلة، لكن ما هو مؤكد، أن الدشيرة بدأت تكتب فصلاً جديدًا من فصول اليقظة المدنية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى