رحّبت جمعيات حماية المستهلك في المغرب بما أثاره رياض مزور، وزير الصناعة والتجارة، خلال مجلس المستشارين، بشأن إحالة الجهاز الحكومي القانون المتعلق بحماية المستهلك في صيغة محدثة تتضمن مقتضيات جديدة تخص التجارة الإلكترونية، على الأمانة العامة للحكومة. واعتبرت هذه الجمعيات أن “تحيين القانون ضروري” للتعامل مع “الظواهر الخطيرة التي أضرت بالمستهلكين في الفضاء الرقمي”.
تحجيم عمليات النصب
قال بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، إن “التفكير في تأهيل تشريع من هذا النوع يعزز النصوص الموجودة المتعلقة بحماية المستهلك من كافة أشكال الاحتيال، خاصة في عمليات البيع والشراء التي تتم عبر وسائل البث المفتوح”، مضيفاً أن “الدولة في ظل التطور الرقمي المستمر بحاجة إلى مواكبة قانونية تسدّ الثغرات التي يستغلها المحتالون”.
وأكد الخراطي أن هناك “شكايات عديدة” تصل من المواطنين تتعلق بالتجارة الإلكترونية، ما يعزز الحاجة لتنظيم الفضاء الرقمي وتنظيم التجارة التي تتم عبره. كما شدد على أن “حماية المنافسة تتطلب المضي قدما في هذا المشروع، للحدّ من الممارسات التي تكون لها آثار غير مقبولة على المستهلك والاقتصاد الوطني”.
وأشار الخراطي إلى “ضرورة فتح نقاش شامل حول الموضوع بمشاركة الفاعلين في هذا القطاع، لضمان أن يكون التشريع المرتقب متجذرًا في صلب القضايا التي تهم المستهلك”.
وأضاف: “المستهلك هو من يتعرض للضرر المالي في حالات البيع الزائف أو بسبب تزييف المنتجات، ما يستدعي وضع قوانين تقنن التجارة الإلكترونية وتقضي على هذه الممارسات غير المقبولة”.
الثغرات القانونية القائمة
وديع مديح، خبير في قانون حماية المستهلك ورئيس جمعية “UNICONSO”، أشار إلى أن “التشريعات الحالية التي تتعلق بحماية المستهلك في المغرب موجودة لكنها محدودة الأثر، ولم تكن كافية لوقف العديد من حالات النصب التي استمرت لسنوات”. وأكد على ضرورة الصرامة، مشيرًا إلى أن “بعض الشركات التي تعمل في إطار القوانين المعمول بها لا تلتزم بالشروط المطلوبة، وهنا يكمن الاحتياج للرقابة الصارمة”.
وأوضح مديح أن “التجارة الإلكترونية تعقد عملية مراقبة البائع وتحديد هويته وموقعه”، معتبرًا أن القوانين الجديدة يجب أن توفر حلولًا قادرة على سدّ هذه الثغرات. كما أفاد بأن هناك صعوبة في إغلاق بعض الصفحات المخالفة على الإنترنت، وأن هذا الأمر يتطلب تدخلًا قضائيًا.
وأشار مديح إلى أن “التأخر في معالجة هذه المشكلة يؤدي إلى تزايد عدد المتضررين من المواطنين عامًا بعد عام”، مشددًا على أهمية إيجاد حلول لحالات النصب في الفضاء الرقمي، خاصة أن التواصل بين البائع والمشتري يتم غالبًا عبر رقم الهاتف فقط، وهو ما يسهل عملية إغلاق الاتصال عند حدوث أي مشكلة، مما يهز الثقة في التجارة الإلكترونية.
تؤكد هذه التحركات أهمية مراجعة القوانين لحماية المستهلك في مواجهة التحديات الرقمية المتزايدة. ومع تزايد الاعتماد على التجارة الإلكترونية، يبدو أن تطوير التشريعات وتنفيذها بفعالية سيكون خطوة محورية لضمان بيئة تجارية آمنة ومحمية للمستهلك المغربي.