منذ وصول إدارة الرئيس، جو بايدن، إلى البيت الأبيض مطلع 2021، ظل ملف الصحراء المغربية ضمن أهم القضايا الإقليمية الموروثة عن إدارة الرئيس دونالد ترامب، الذي أعلن قبل مغادرة منصبه، عن اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على صحرائه، تزامنا مع استئناف الرباط لعلاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل.
وعلى مدار السنوات الموالية، اتسم موقف إدارة بايدن بحذر دبلوماسي واضح في التعاطي مع قرار الاعتراف، إذ حرصت على اتباع مسار متوازن يجمع بين التأكيد على ثبات موقفها من دعم السيادة المغربية على الصحراء من جهة، والإشارة إلى دعم الجهود الأممية لحل النزاع عبر مبعوثها الخاص ستافان دي ميستورا من جهة ثانية، دون اتخاذ خطوات عملية لترجمة قرار الاعتراف على أرض الواقع.
لكن مع مجيء دونالد ترامب، مرشح الجمهورييين الذي هزم كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية التي جرت الثلاثاء 5 نونبر 2024، يترقب المتابعون تطورات جديدة واستكمالا لما سبق اتخاذه من مبادرات تلت الاقرار الامريكي بمغربية الصحراء ،كبناء قنصلية في الداخلة، وهو الموقف الذي لم تتخذ ادارة بايدن اي قرار بشأنه، وظل حبرا على ورق.
إن عودة ترامب إلى البيت الأبيض تطرح، تساؤلات بشأن ما إن كان سيمضي قدما في ترسيخ القرار الذي وقّعه في الأسابيع الأخيرة من ولايته السابقة، أو أن أي خطوات مستقبلية في هذا الجانب، ستبقى مرهونة بالتطورات في الشرق الأوسط، على ضوء الحرب المندلعة في غزة ولبنان.
ومنذ توليها السلطة، تميزت مقاربة الإدارة الديمقراطية لملف الصحراء المغربية بنهج دبلوماسي حذر، يقوم على تأكيد استمرارية السياسة الأميركية دون تغيير من جهة، مع إبداء الدعم المتواصل لجهود المبعوث الأممي من جهة أخرى. وقد انعكس هذا الموقف بشكل جلي في التصريحات المتكررة لكبار المسؤولين في الخارجية الأميركية.
وفي آخر تعليق له بشأن الموضوع، كرر المتحدث باسم الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، تأكيده على أنه “لم يحدث أي تغيير في سياستنا” بشأن ملف الصحراء، عندما سُئل في 17 أكتوبر الماضي.
وقبل تقديم المبعوث الأممي لخطته المثيرة للجدل بإيعاز من الجزائر، عبّر وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، اكتوبر الماضي، عن دعم واشنطن لدي ميستورا، وجهوده لدفع المفاوضات في اتجاه “حل سياسي دائم للصحراء المغربية دون مزيد من التأخير”.
كما أشار بلينكن، خلال محادثات مع نظيره المغربي، ناصر بوريطة، إلى أن واشنطن “لا تزال تعتبر مقترح الحكم الذاتي المغربي جادا وذا مصداقية وواقعية”، في مسار حل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
وفي تحليل لموقف الإدارة الأميركية الحالية من نزاع الصحراء المغربية، اوضح تقرير لمعهد الشرق الأوسط، أن إدارة بايدن وجدت نفسها، على إثر التحول الجذري الذي اتخذته إدارة ترامب، أمام مهمة صعبة تتمثل في السعي إلى التأكيد على أهمية المسار الاممي داخل مجلس الامن للتوصل الى حل دائم، مع التشبث بالقرار السابق، الذي يمكن أن يؤدي التراجع عنه إلى إحداث أزمة في علاقاتها مع الرباط.
مقابل ذلك، واجهت إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن ضغوطا متزايدة من طرف اللوبيات المدعمة بريع الغاز والنفط الجزائري أملا في إلغاء قرار الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه.
وأمام هذه التحديات، يوضح التقرير أن واشنطن رغم احتفاظها بقرار الاعتراف، عادت في خطابها الدبلوماسي إلى موقفها التقليدي السابق لإدارة ترامب، والمتمثل في إعلان دعم مقترح الحكم الذاتي عبر المسارات الأممية للملف، لكن عودة ترامب الان ستغير الأمور.
إن عودة ترامب الى البيت الابيض وسلسلة الاعترافات الاخيرة بمغربية الصحراء من طرف فرنسا واسبانيا والعديد من الدول الاوروبية، تشكل ضربة قوية لأعداء الوحدة الترابية للمملكة المغربية، وربما ستكون آخر مسمار في نعش نظام العسكر الجزائري الداعم لمرتزقة البوليساريو، والذي يعتبر ملف الصحراء المغربية: ” قضية موت أو حياة”، عليه تتوقف مصالحه واستمراريته.