في حوار خاص مع إحدى الجرائد، يعود المحجوب السالك، أحد مؤسسي جبهة البوليساريو والمنسق العام لتيار “خط الشهيد” المعارض، إلى تاريخ تأسيس هذه الحركة ليكشف عن حقائق جديدة حول طبيعة علاقاتها الخارجية وأدوار دول كليبيا والجزائر في دعمها. السالك، الذي أمضى فترة في سجن الرشيد الرهيب، تحدث عن التطورات التي شهدتها البوليساريو من مواجهة الاستعمار الإسباني إلى تحوّلها إلى أداة للصراع الإقليمي، مشيرًا إلى أن الوضع الحالي لم يعد يتلاءم مع فكرة الاستقلال، وأن الحل يكمن في “الحكم الذاتي”.
التأسيس والمراحل الأولى:
تأسست البوليساريو بعد مظاهرات في مدينة طانطان عام 1972، إذ قرر الوالي مصطفى السيد إطلاق هذا التنظيم. بدأت الجلسات التأسيسية بين طانطان وتندوف والزويرات. ورغم أن البعض يشير إلى دعم ليبي، يؤكد السالك أن تأسيس البوليساريو لم يكن بإملاء خارجي؛ ليبيا دعمت الحركة لاحقًا، لكنها لم تكن وراء نشأتها.
دعم خارجي واستراتيجيات الإمداد:
يوضح السالك أن ليبيا كانت من أولى الدول التي زودت البوليساريو بالسلاح عبر السفارة الليبية في نواكشوط، وقد ساهم هذا الدعم في تعزيز مكانة الجبهة ضد الاستعمار الإسباني. ويضيف أن الجزائر منحتهم الدعم العسكري لاحقًا، حين بدأت في تدريب مقاتلي البوليساريو، ولكن مع وفاة الوالي، ازدادت الأجندات الإقليمية تعقيدًا، حيث تحولت البوليساريو إلى أداة في صراع على النفوذ الإقليمي.
من القومية إلى الصراعات الداخلية:
مع وفاة مصطفى السيد، اتجهت القيادة إلى الجزائر، مما أثر في تغيير توجه الحركة نحو الانفصال بدلاً من طرد الاستعمار فقط، بحسب السالك. ورغم دعم الجزائر، ظهرت خلافات داخلية، لا سيما بعد اتفاقية تقسيم الصحراء بين المغرب وموريتانيا، حيث استغلت الجزائر الوضع لتعزيز نفوذها في المنطقة.
التحول إلى المعارضة وظهور “خط الشهيد”:
بعد سنوات من الاعتقال، خرج السالك بشعور مختلف عن الجبهة، إذ رأى أن النزاع بات “متاجرة” تخدم أجندات خارجية، وأسس تيار “خط الشهيد” الذي يدعو للإصلاح الداخلي ويعترض على “التشريعات السياسية الهزلية” التي تعتمدها قيادة البوليساريو. ويؤكد أن رؤيتهم اليوم تدعو إلى حل النزاع في إطار الحكم الذاتي المطروح من المغرب، معتبرًا أن القيادات الحالية تفتقر إلى الديمقراطية الحقيقية والتداول السلمي للسلطة.
المحجوب السالك يقدم شهادة حية على مسار تطور البوليساريو من فكرة مقاومة الاستعمار إلى أداة إقليمية تستخدم لتحقيق أهداف سياسية خارجية. وفي ظل الجمود السياسي الحالي، يؤكد السالك أن الوضع الراهن يتطلب حلولًا واقعية تتماشى مع مصالح الصحراويين، بعيدًا عن المزايدات السياسية، مؤكدًا أن الحكم الذاتي هو الخيار الأفضل لحل النزاع الطويل الأمد في الصحراء.