
تواجه جهة سوس ماسة، المعروفة بجمال طبيعتها وتنوع ثقافتها، أزمة حادة في مجال التزويد بالماء الصالح للشرب. فبعد أن كانت المياه متوفرة بكثرة، أصبحت الآن سلعة نادرة تثير القلق والاستياء في صفوف السكان. تتكرر انقطاعات المياه بشكل متواصل، مما يؤثر سلبًا على الحياة اليومية للمواطنين ويهدد العديد من القطاعات الحيوية، كالفلاحة والسياحة.
تاريخياً، كانت سوس ماسة تعرف بوفرة مياهها الجوفية وسهولة الوصول إليها. لكن مع تزايد الطلب على المياه نتيجة النمو السكاني والتوسع الزراعي غير المدروس، بدأت هذه الموارد في النضوب. المزارع التي كانت تعج بالحياة أصبحت اليوم تواجه صعوبة في تأمين كميات كافية من المياه لري محاصيلها، مما يؤثر بشكل مباشر على إنتاجية الأرض وعلى الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في المنطقة.
الجهات المسؤولة على دراية كاملة بخطورة الوضع، إلا أن الحلول المقدمة حتى الآن لم ترقَ إلى مستوى التحدي. الاعتماد على مشاريع تحلية مياه البحر أو نقل المياه من مناطق أخرى قد يكون جزءاً من الحل، لكنه لا يعالج الأسباب الجذرية للأزمة. الإدارة غير المستدامة للمياه واستنزاف الموارد الجوفية بشكل مفرط هما من بين الأسباب الرئيسية التي تضع سوس ماسة في هذا الوضع الحرج.
علاوة على ذلك، التغيرات المناخية المتسارعة تزيد من تعقيد المشكلة، حيث تسجل المنطقة انخفاضاً ملحوظاً في معدل التساقطات المطرية وارتفاعاً في درجات الحرارة، مما يزيد من الضغط على الموارد المائية. إن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى كوارث بيئية واجتماعية واقتصادية لا تُحمد عقباها.
أمام هذا الواقع المرير، يصبح من الضروري اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف استنزاف الموارد المائية في سوس ماسة. يجب التفكير في سياسات جديدة تركز على الإدارة المستدامة للمياه، وتشجيع تقنيات الري الحديثة التي تقلل من الهدر، بالإضافة إلى تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على هذه الموارد الحيوية.
تحتاج سوس ماسة إلى تدخل فوري من الجهات المعنية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. الأزمة المائية التي تعيشها المنطقة ليست مجرد تحدٍ عابر، بل هي تهديد وجودي يتطلب رؤية استراتيجية وحلولاً مبتكرة وعاجلة لضمان مستقبل آمن ومستدام للسكان والأجيال القادمة.