منتخبو اشتوكة في مرمى الانتقاد: سيارات الدولة للترفيه أم للخدمة؟

في خطوة تعكس جدية السلطات في وضع حد للتجاوزات المتكررة، بدأت مصالح وزارة الداخلية حملة واسعة لجمع سيارات الدولة، خاصة تلك التي تحمل رمز (ج)، والتي تُستخدم خارج إطار مهامها الرسمية. وقد كشفت تقارير إقليمية عن فوضى عارمة وتلاعبات في سجلات المستودعات الجماعية، مما يؤكد ما أصبح سرًا مكشوفًا: أن سيارات الدولة تحولت إلى ملكية شخصية لبعض الموظفين والمنتخبين، تُستخدم في قضاء مآربهم الخاصة، وحتى في أنشطة حزبية سابقة لأوانها.

استهتار بالمسؤولية وورطة في المستودعات
لم تعد الحظيرة الجماعية مجرد مرآب للسيارات، بل تحولت إلى ورطة قانونية وإدارية لرؤساء الجماعات. فالمستودعات أصبحت “شبه فارغة” بسبب تواطؤ مباشر من مصالح تدبير الحظيرة، التي تسمح باستغلال هذه السيارات دون أوامر مهام رسمية أو تحديد لمدد الاستعمال. هذا الاستهتار بلغ حداً خطيراً، حيث تُستخدم هذه المركبات في أنشطة لا علاقة لها بالصالح العام، بل تخدم أجندات سياسية ضيقة، مما يعد خرقًا صريحًا لدورية وزير الداخلية التي طالبت بإحصاء شامل لهذه السيارات.

ومما يزيد الطين بلة، أن مصاريف الصيانة والإصلاح تناهز الملايين، وهو ما يعكس سوء استغلال هذه الممتلكات التي يفترض أنها وُضعت لخدمة المواطنين. إن هذه الممارسات لا تقتصر على هدر المال العام فحسب، بل تُقوّض مبادئ الاقتصاد والفعالية والنجاعة التي ينص عليها القانون في تسيير المرافق العمومية.

حوادث أكادير: التجاوز يبلغ ذروته في اشتوكة أيت باها
فضيحة استغلال سيارات الدولة لا تقتصر على الأرقام والتقارير الرسمية. ففي جهة سوس ماسة، وتحديدًا بإقليم اشتوكة أيت باها، تتفاقم القضية بشكل صارخ. فبعض المنتخبين يتجولون يوميًا بسيارات الدولة في شوارع أكادير، بعيدًا عن دوائرهم الانتخابية، وهو ما يثير علامات استفهام حول الغرض من هذه الاستعمالات.

وفي حادثة خطيرة، ارتكب أحد هؤلاء المنتخبين حادثة سير مروعة الشهر الماضي وهو في حالة سكر طافح، وهو يقود سيارة الدولة. هذه الحادثة، التي كانت لتؤدي إلى كارثة، تُظهر مدى الاستهتار بالمسؤولية، وتؤكد أن الأمر لم يعد يتعلق فقط بهدر المال العام، بل يمس سلامة المواطنين مباشرة.

توصيات المجلس الأعلى للحسابات على الرفوف
سبق للمجلس الأعلى للحسابات أن دق ناقوس الخطر في تقرير سابق، حيث أوصى بوضع “إطار قانوني ومؤسساتي وتنظيمي واضح” لتسيير حظيرة السيارات والآليات الجماعية. كما دعا إلى تحديد معايير واضحة وملزمة لتخصيص هذه السيارات بصفة فردية. لكن يبدو أن هذه التوصيات قد وُضعت على الرفوف، ولم يتم تفعيلها بالشكل المطلوب، مما أدى إلى استمرار الفوضى والتلاعبات.

وفي ظل هذه الفوضى، يظل السؤال قائمًا: إلى متى سيظل المال العام حقلًا مباحًا لبعض المنتخبين والموظفين؟ وهل ستكون حملة وزارة الداخلية الحالية بداية لتطبيق القانون بصرامة، وإنهاء هذا العبث الذي يضر بسمعة الإدارة المغربية وثقة المواطنين؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى