بلاغ أم ‘إنذار؟ العدالة والتنمية يحذر الحكومة من تكرار أخطاء الماضي في التنمية الترابية

في خطوة استباقية تعكس قلقاً متزايداً من المقاربة الحكومية الحالية، أصدرت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية بياناً حاد اللهجة حول إعداد جيل جديد من برامج التنمية الترابية المندمجة. البيان، الذي جاء بعد اجتماع استثنائي للأمانة العامة برئاسة الأمين العام عبد الإله ابن كيران، لم يكتف بتجديد التنويه بالمبادرة الملكية في خطاب العرش، بل حمل في طياته رسائل نقدية مباشرة وغير مباشرة للحكومة، محذراً من مخاطر تهميش الأبعاد السياسية والديمقراطية في هذا المشروع التنموي.

البيان يشدد على أن نجاح المقاربة الحكومية يتوقف على استحضار خمسة مبادئ أساسية، أولها احترام الدستور الذي يقر الجهوية المتقدمة ويؤمن مشاركة السكان في تدبير شؤونهم. كما يؤكد على ضرورة مراعاة مبادئ الميثاق الوطني للاتمركز الإداري، وهو ما قد يقرأه البعض تذكيراً للحكومة بضرورة تنسيق الجهود بين الإدارة المركزية واللاممركزة، ودور الولاة والعمال في دعم رؤساء الجماعات وليس العكس.

لكن النقطة الأكثر حساسية في البيان كانت المتعلقة بالأهمية القصوى لـ”الاختيار الديمقراطي” و”الأدوار الهامة والحاسمة للعمل السياسي وللأحزاب السياسية”. فالحزب يعتبر أن أي عملية تنموية لا يمكن أن تنجح وتستدام دون ترسيخ دور الأحزاب السياسية والانتخابات، منتقداً “محاولة تهميش وتحقير وتبخيس السياسة والسياسيين”. هذه الفقرة تمثل رسالة واضحة للمشهد السياسي الحالي الذي يرى فيه “العدالة والتنمية” تراجعاً لدور المؤسسات المنتخبة لصالح مقاربات قد تكون تكنوقراطية.

البيان لم يغفل الجانب الزمني، محذراً الحكومة من “السياق الحالي والمجال الزمني المتبقي للولاية الحكومية والترابية الحالية وقرب نهايتها”. وهو تذكير بأن أي برنامج تنموي جديد يجب أن يستثمر في الجهود التي بذلتها الجماعات الترابية المنتخبة بالفعل في إعداد برامجها التنموية، بدلاً من البدء من الصفر. وهذه النقطة تحمل في طياتها نقداً ضمنياً للتعاطي مع البرامج السابقة، خصوصاً برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية.

وفي الختام، يشدد “العدالة والتنمية” على أن التنمية الحقيقية لا يمكن أن تتحقق دون تكريس الديمقراطية التمثيلية، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، وتوفير تكافؤ الفرص في الولوج إلى الخدمات الأساسية. البيان يختتم برسالة قوية تحمل بعدين: الأول هو التأكيد على التزام الحزب بالخطاب الملكي السامي، والثاني هو إطلاق صافرة الإنذار للحكومة بضرورة تصحيح مسارها لتفادي ما يراه الحزب إقصاءً للسياسة والسياسيين في عملية تنموية حاسمة.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى