روائح المبيدات الخانقة… ملف شائك على طاولة العامل الجديد لإقليم اشتوكة أيت باها

تحت جنح الظلام، بدل أن يسود الهدوء والسكينة، تستفيق دواوير جماعة أيت عميرة بإقليم اشتوكة أيت باها على روائح نفاذة خانقة، تُرجح مصادر محلية وسكان متضررون أنها ناجمة عن الاستخدام المكثف لمبيدات فلاحية قوية في بعض الضيعات المجاورة. هذا الكابوس الليلي، الذي يهدد صحة الساكنة واستقرارها، دفع بالعديد منهم إلى دق ناقوس الخطر، مطالبين بتدخل عاجل لوقف هذه الممارسات التي تنذر بعواقب وخيمة.

ففي شهادات مؤثرة تداولها السكان، يكشف قاطنو دواوير أبودرار والشوك وغيرها عن معاناتهم اليومية جراء هذه الروائح الكريهة التي لا تطاق. “والله يا أخي، إن هذه السموم هي السبب في هجرتي لمسقط رأسي علال توعمال مرغمًا وتركت بيتي. ففي بعض الأحيان، في الساعات الأخيرة من الليل، أذهب للمستعجلات مع الأهل من أجل أخذ بعض الأوكسجين في المستشفى”، يروي أحد السكان بأسى، مضيفًا أنه سبق له التنبيه لهذا الأمر في عام 2023 دون جدوى.

لم تقتصر المعاناة على هذا الحد، حيث تشير سيدة أخرى من أيت عميرة قائلة: “آه أخويا حتى أنا ساكنة في أيت عميرة الله إلا مريضة تم أنا أو بنتي مرضنا بالتهاب الحنجرة أو ضيق التنفس صفي تهلكنا أو خلينا دارنا تم أو جينا لأيت ملول كرينا فيها صافي تقهرنا فديك شتوكة”. وتتفق معها شهادات أخرى لسكان من دوار غزالة يشتكون من روائح كريهة تشبه رائحة الغاز في الليل، وتخوفهم من تفاقم الوضع مع قدوم الصيف بسبب مشاريع تربية الدواجن القريبة.

الأكثر خطورة في الأمر، حسب مصادر محلية، هو احتمال أن تكون بعض هذه المبيدات من المواد المحظورة دوليًا، الأمر الذي يضاعف من مخاوف السكان بشأن الآثار السامة المحتملة على صحتهم، خاصة الأطفال وكبار السن والمصابين بالأمراض التنفسية المزمنة كالربو وضيق التنفس. كما يخشى الأهالي من التداعيات السلبية لهذه المواد على التوازن البيئي الهش في المنطقة.

في ظل هذا الوضع المتردي والصمت المطبق من الجهات المعنية، يوجه السكان المتضررون نداء استغاثة عاجلً إلى السلطات المختصة، وعلى رأسها المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (ONSSA) ومصالح وزارة الفلاحة، مطالبين بفتح تحقيق فوري وشفاف حول طبيعة هذه المواد المستخدمة. كما يشددون على ضرورة تفعيل المراقبة الصارمة والمستمرة على الضيعات الفلاحية، وتطبيق القانون بحذافيره على كل من يثبت تورطه في استخدام مبيدات خطيرة ومخالفة للتشريعات الجاري بها العمل.

ويتطلع المتضررون إلى إيجاد حلول جذرية ومستدامة تضمن لهم الحق الأساسي في بيئة سليمة وصحية، وتصون كرامتهم التي باتت مهددة تحت وطأة التلوث الفلاحي غير المراقب. إن هذا الملف الشائك، الذي يؤرق حياة العديد من الأسر في جماعة أيت عميرة، يُعد من بين الملفات الحارقة التي ستكون على طاولة العامل الجديد لإقليم اشتوكة أيت باها المعين حديثًا. فهل سيتمكن من إيجاد حلول ناجعة ترفع هذا الكابوس عن كاهل الساكنة وتعيد إليهم الأمل في العيش بكرامة في أرضهم؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى