
في تطور يبرز حالة الاحتقان التي نعيشها مدينة آيت ملول، رفع حرفيون ومنتسبون للقطاع عريضة استغاثة إلى جلالة الملك محمد السادس، يلتمسون فيها تدخله السامي لإنصافهم وإعادة الاعتبار لمشروع حي حرفي طال انتظاره. هذه الخطوة التصعيدية جاءت بعد أن فوجئ الحرفيون بحذف المنطقة الحرفية بجنوب أزرو بشكل مفاجئ من النسخة المعروضة مؤخرًا على البحث العمومي لتصميم التهيئة الخاص بجماعة آيت ملول.
جمعية السعادة للأعمال الاجتماعية للصناع والحرفيين بأيت ملول، التي بادرت إلى رفع هذه العريضة، عبرت عن صدمتها وأسفها العميق لهذا “التراجع غير المبرر” من طرف جماعة آيت ملول عن التزام سابق بإحداث هذا الحي الحرفي. فبالنسبة لهذه الفئة العريضة من المهنيين، كان هذا المشروع يمثل طوق نجاة من العزلة وفضاءً منظمًا يحفظ كرامتهم ويمكنهم من ممارسة أنشطتهم بعيدًا عن التضييق الذي يجدونه وسط الأحياء السكنية غير المهيأة لاستقبال طبيعة عملهم.
لقد كان إدراج المنطقة الحرفية في التصميم الأولي بمثابة مكسب تنموي طال انتظاره، وبشارة خير لتحقيق عدالة مجالية. لكن سرعان ما تبددت هذه الآمال بعد قرار الحذف المفاجئ، الذي تم دون إشعار أو إشراك للحرفيين المعنيين، وهو ما اعتبروه تغييبًا واضحًا لمبادئ المقاربة التشاركية والحكامة الجيدة التي لطالما أكد عليها الخطاب الملكي.
وفي هذا السياق، أكدت الجمعية أن هذا القرار يمثل خيبة أمل كبيرة لشريحة أصيلة من المجتمع، ويهدد بتكريس واقع الهشاشة والعشوائية الذي يعانون منه، وما يترتب على ذلك من انعكاسات سلبية على السلم الاجتماعي المحلي.
تضمنت العريضة المرفوعة إلى جلالة الملك ثلاثة مطالب رئيسية وملحة: أولها، فتح تحقيق عاجل وشفاف لكشف الظروف والأسباب التي أدت إلى حذف المنطقة الحرفية من تصميم التهيئة. ثانيًا، التوجيه بإعادة إدراج الصيغة الأصلية للمشروع، تلك التي رُصدت لها الاعتمادات وحظيت بموافقة الأطراف المعنية. وأخيرًا، تمكين الحرفيين من فضاء مهني لائق يتماشى مع التوجهات الملكية السامية الرامية إلى تحقيق العدالة المجالية والتنمية المحلية المستدامة.
وفي ختام عريضتهم، جدد الحرفيون التأكيد على ولائهم الدائم للعرش العلوي المجيد، وتعبيرهم عن البيعة الصادقة لجلالة الملك، سائلين المولى عز وجل أن يحفظه ويقر عينه بولي العهد الأمير مولاي الحسن وكافة أفراد الأسرة الملكية الشريفة.
تزامنًا مع هذه الخطوة الملكية، وصل صدى احتجاجات حرفيي آيت ملول إلى مكتب عامل إقليم إنزكان آيت ملول، السيد إسماعيل أبو الحقوق. وقد استقبل العامل وفدًا من الحرفيين والصناع التقليديين الذين نظموا وقفة احتجاجية سلمية أمام ملحقة جماعة آيت ملول للتعبير عن استيائهم العميق مما وصفوه بـ “التجاهل والتهميش الممنهج” من قبل المجلس الجماعي.
وخلال هذا اللقاء، استمع السيد العامل إلى مطالب الحرفيين ومشاغلهم، وأكد لهم انتقاله شخصيًا لمعاينة المشكل على أرض الواقع، مشددًا على التزامه بمتابعة هذا المشروع الحيوي حتى تحقيقه. ولم يتردد عامل الإقليم في توجيه انتقادات لاذعة لرئيس المجلس الجماعي بسبب ضعف التواصل مع الساكنة، وكشف عن وجود حالة من عدم الرضا تسود أغلب مكونات المجلس بسبب طريقة تسييره.
وفي ختام اللقاء، أكد السيد أبو الحقوق أن مكتبه يظل مفتوحًا أمام جميع المواطنين، بمن فيهم الحرفيون، مجددًا حرصه على تتبع مصالحهم. وقد اختتم الاجتماع بصورة تذكارية جماعية.
تجدر الإشارة إلى أن الحرفيين كانوا قد عبروا عن خيبة أملهم من “تعنت” المجلس الجماعي وتجاهله لموافقة وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني على دعم المشروع بمبلغ 4 ملايين درهم، مطالبين بإعادة الرمز الحرفي للمنطقة وتضمين حقوقهم في التصميم الجديد.
إن هذه المعطيات المتضافرة تشير بوضوح إلى عمق الأزمة التي يعيشها حرفيو آيت ملول، وتصميمهم على الدفاع عن حقوقهم المشروعة في فضاء مهني لائق يضمن استدامة حرفهم وكرامتهم. ويبقى تدخل الجهات الوصية، وعلى رأسها جلالة الملك، ضروريًا لرفع هذا الظلم وإنصاف هذه الفئة التي تساهم بشكل فعال في النسيج الاقتصادي والاجتماعي للمنطقة.