بعد ست سنوات من القطيعة الدبلوماسية، تبدو العلاقات الإيرانية المغربية على أعتاب مرحلة جديدة، مع تأكيد وجود وساطة خليجية تهدف إلى تطبيع العلاقات بين البلدين. وأفادت مصادر مطلعة أن مبعوثًا إيرانيًا رفيع المستوى زار العاصمة المغربية الرباط نهاية أكتوبر الماضي، في خطوة سرية رافقها وسطاء خليجيون، مما يعكس رغبة حقيقية من الطرفين لإعادة بناء العلاقات.
دوافع الانفتاح الإيراني
أكد الدبلوماسي الإيراني السابق، سيد هادي أفقهي، أن هذا التحول نحو تطبيع العلاقات بين إيران والمغرب يُعد جزءًا من استراتيجية إيرانية أوسع للانفتاح الدبلوماسي، تقوم على الحوار وتجاوز التوترات الإقليمية. وترى طهران في المغرب شريكًا استراتيجيًا يتمتع بمكانة إقليمية بارزة وثقل سياسي واقتصادي كبير، مما يجعله محورًا مهمًا في مساعيها لتعزيز علاقاتها مع الدول العربية.
وأضاف أفقهي أن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، يقود جهودًا كبيرة لإعادة صياغة السياسة الخارجية الإيرانية، من خلال تحسين العلاقات مع الدول الغربية والعربية. هذه الجهود ظهرت جليًا في القمة العربية الإسلامية المشتركة، التي شهدت مشاركة إيرانية بارزة تهدف إلى تعزيز التفاهم الإقليمي وتحقيق الاستقرار.
دور الوساطة الخليجية وتغير المواقف
لعبت الوساطة الخليجية، بقيادة السعودية والإمارات، دورًا محوريًا في تقريب وجهات النظر بين إيران والمغرب. وأشارت المصادر إلى أن إيران أظهرت تغييرًا واضحًا في موقفها من قضية الصحراء المغربية، حيث أكدت التزامها بمبدأ الاحترام المتبادل وسعيها لدعم استقرار المنطقة.
وبحسب أفقهي، فإن الدعم الإيراني السابق لجبهة البوليساريو كان في سياق زمني مختلف خلال بداية الثورة الإسلامية، إلا أن المواقف الإيرانية تطورت مع مرور الزمن. واليوم، تشدد طهران على أنها ليست طرفًا في هذا النزاع، مما يُعد نقطة تحول جوهرية في العلاقات الثنائية.
أهمية تطبيع العلاقات
إن تطبيع العلاقات بين إيران والمغرب يحمل أهمية استراتيجية للطرفين. فبالنسبة لإيران، يُسهم هذا التطبيع في تعزيز مكانتها الإقليمية وفتح قنوات للتعاون مع الدول العربية، بينما يتيح للمغرب فرصة توسيع شراكاته الاقتصادية والسياسية، بما يخدم رؤيته لتحقيق التنمية والاستقرار.
على الصعيد الإقليمي، يُمثل هذا التحول خطوة مهمة نحو تعزيز التفاهم والتعاون بين الدول الإسلامية، خاصة في ظل التحديات المشتركة التي تواجهها المنطقة.
آفاق المستقبل
إذا ما توصل الطرفان إلى اتفاق شامل ينهي القطيعة، فإن ذلك سيفتح المجال أمام تعاون سياسي واقتصادي كبير، مع إمكانية إطلاق مشاريع مشتركة تسهم في تعزيز الاستقرار والتنمية في المنطقة. وسيُشكل هذا الاتفاق نموذجًا يُحتذى به في تجاوز الخلافات التاريخية وبناء جسور جديدة للتعاون والشراكة.
يُظهر هذا التوجه نحو تطبيع العلاقات الإيرانية المغربية أن السياسة الخارجية ليست ثابتة، بل تخضع لمتغيرات تعكس إرادة الطرفين في تحقيق المصالح المشتركة، مما يبشر بمرحلة جديدة من التعاون البناء في المنطقة.