التعداد السكاني بالمغرب: ارتفاعات مهمة وتحديات تنموية أمام الحكومة

كشفت نتائج الإحصاء العام للسكان الذي أُجري في شتنبر 2024 عن تطور لافت في التركيبة الديموغرافية للمغرب، إذ بلغ عدد السكان حوالي 36,828,330 نسمة، بزيادة قدرها 2,882,098 نسمة مقارنة مع إحصاء 2014، أي بمعدل نمو وصل إلى 8.80%. وتشير هذه الأرقام إلى زيادة ملموسة في عدد السكان، ما يطرح على الحكومة تحديات كبيرة على مستوى البنية التحتية والخدمات العامة، ويعزز ضرورة تطوير بيئة معيشية ملائمة للتجاوب مع هذا النمو.

ومن جهة أخرى، شهد عدد الأسر زيادة كبيرة، إذ بلغ 8,399,275 أسرة، بارتفاع بلغ 1,961,232 أسرة عن عام 2014، أي بنسبة نمو تقارب 26.82%. ويعكس هذا النمو الحاجة المتزايدة لتطوير مشاريع الإسكان والتخطيط الحضري، لضمان توفير سكن ملائم يحفظ كرامة المواطن ويحد من أزمات الإسكان المتزايدة في بعض المناطق الحضرية.

المغرب كوجهة جاذبة للأجانب: انعكاسات وتحديات
يشهد المغرب أيضًا تزايدًا في أعداد الأجانب المقيمين، حيث بلغ عددهم 148,152 نسمة، بزيادة بلغت 71.86% منذ 2014. ويعكس هذا النمو جذب المغرب للأجانب مما يتطلب استراتيجيات لدعم هذا التنوع السكاني وتيسير اندماج الأجانب في المجتمع المغربي بما يحقق تكاملًا اقتصاديًا واجتماعيًا فعالًا.

التحديات التنموية ومسؤوليات الحكومة
تجد الحكومة المغربية نفسها أمام مسؤوليات ضخمة لتلبية احتياجات هذا العدد المتزايد من السكان والأسر. فالتوسع في خدمات الصحة والتعليم، وتطوير البنية التحتية من طرق ومواصلات، إلى جانب تفعيل استراتيجيات الإسكان، باتت من أولويات الدولة لتوفير ظروف معيشية ملائمة. كما يبرز دور الحكومة في مواجهة التحديات الاقتصادية من خلال تطوير فرص العمل وتعزيز دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بدلاً من الاعتماد على رفع الأسعار، الأمر الذي قد يزيد من الأعباء الاقتصادية على المواطن.

تراجع مستوى المعيشة وتنامي مخاوف الأسر
أفادت المندوبية السامية للتخطيط بأن 80.6% من الأسر المغربية صرحت بتدهور مستوى المعيشة خلال السنة الماضية، فيما عبّرت 4.8% فقط عن تحسنه. كما تتوقع 56.9% من الأسر أن يشهد مستوى المعيشة تدهورًا في المستقبل القريب، ما يعكس استمرار التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها المغاربة.

ويؤكد تقرير المندوبية أن حوالي 42.2% من الأسر تضطر لاستنزاف مدخراتها أو اللجوء إلى الاقتراض لتغطية احتياجاتها الأساسية، في حين لا يتجاوز معدل الأسر القادرة على ادخار جزء من دخلها 2.9% فقط. ويشير ذلك إلى صعوبات كبيرة يواجهها المواطنون في الحفاظ على استقرارهم المالي.

ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتصاعد القلق بشأن البطالة
شهدت أسعار المواد الغذائية ارتفاعًا ملحوظًا خلال العام الماضي، حيث أفادت 97.5% من الأسر بزيادة الأسعار، ما انعكس بشكل سلبي على قدرتهم الشرائية. أما بخصوص البطالة، فتتوقع 82.2% من الأسر استمرار ارتفاع معدلات البطالة خلال العام المقبل، ما يشكل مصدر قلق كبير ويدعو لتدخلات حكومية لتوفير فرص عمل وتعزيز دعم المشاريع التي تسهم في خلق وظائف جديدة.

التعاون المجتمعي نحو التنمية المستدامة
لمواجهة هذه التحديات التنموية، لا تقتصر المسؤولية على الحكومة فحسب، بل تتطلب تعاونًا شاملاً يشمل المجتمع المدني والقطاع الخاص، من أجل تحقيق تنمية متوازنة وشاملة. فإعداد بيئة مستقرة ومستدامة تتطلب تكاتف الجهود والعمل المشترك من أجل مغرب أفضل للأجيال القادمة.

تقدم نتائج الإحصاء صورة واضحة عن النمو السكاني المتزايد، وتضع الحكومة المغربية أمام مسؤولية كبيرة لتطوير سياسات اقتصادية واجتماعية فعالة. إن مواجهة تحديات التنمية تتطلب التزامًا مشتركًا وسعيًا لتحقيق استقرار اقتصادي واجتماعي يضمن حياة كريمة للمواطنين ويعزز منازلة التحديات المقبلة بثقة وثبات.

 

 

A.Boutbaoucht

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى