الداكي يطلق برنامجا تكوينيا لتعزيز القدرات في مجال استخدام أدلة الطب الشرعي + صور

أعلن الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، عن إطلاق برنامج تكويني خاص حول تعزيز القدرات في مجال استخدام أدلة الطب الشرعي في التحري والتحقيق في ادعاءات التعذيب طبقا لبرتوكول استنبول في صيغته المراجعة، وهو البرنامج الذي يأتي في إطار مواصلة تنفيذ برنامج أوسع يتعلق بتعزيز قدرات القضاة في مجال حقوق الإنسان الذي أطلقته رئاسة النيابة العامة بتعاون مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية بتاريخ 10 دجنبر 2020، بمناسبة الذكرى 72 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وأضاف الداكي، في كلمته خلال افتتاح أشغال ندوة إطلاق برنامج تعزيز القدرات في مجال استخدام أدلة الطب الشرعي في التحري والتحقيق في ادعاءات التعذيب طبقا لبرتوكول إسطنبول في صيغته المراجعة المنظمة من طرف رئاسة النيابة العامة، وبشراكة مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية وبتعاون من مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن الرباط، أضاف، أن اعتماد هذا البرنامج التكويني التخصصي، يأتي في إطار مواكبة انخراط المملكة المضطرد في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان وترجمة إرادتها الراسخة في تكريس مبادئ حقوق الإنسان وضمان التمتع بها من خلال مجهود متواصل لإدماج المعايير الدولية المترتبة عن الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة المغربية في التشريعات الوطنية واستحضارها في الممارسات اليومية لمختلف المؤسسات والجهات المعنية.

47

واستحضر الوكيل العام مضامين الرسالة السامية لجلالة الملك محمد السادس، الموجهة للمشاركين في المناظرة الدولية التي احتضنتها مدينة الرباط يومي 7 و8 دجنبر 2023، بمناسبة الاحتفاء بالذكرى 75 للإعلان العالمي لحقوق الانسان، حيث أكد جلالته على ما يلي” وإن تشبثنا الراسخ بالدفاع عن هذه الحقوق وتكريسها، لا يعادله إلا حرصنا الوطيد على مواصلة ترسيخ وتجويد دولة الحق والقانون وتقوية المؤسسات، باعتباره خياراً إرادياً وسيادياً، وتعزيز رصيد هذه المكتسبات، بموازاة مع التفاعل المتواصل والإيجابي مع القضايا الحقوقية المستجدة، سواء على المستوى الوطني أو ضمن المنظومة الأممية لحقوق الإنسان”.

وعرج الداكي في كلمته على الدستور المغربي لسنة 2011، الذي يعد ميثاقا للحقوق والحريات الأساسية ولاسيما ما تضمنته مقتضيات الباب الثاني المتعلق بالحقوق والحريات وغير ها من المقتضيات التي جاءت بمزيد من الضمانات القانونية والقضائية لحماية حقوق الإنسان والنهوض بها، شكل ركيزة أساسية لانطلاق العديد من الإصلاحات التشريعية والمؤسساتية.

وفي هذا الصدد، ذكر الداكي بمقتضيات الفصل 22 من الدستور التي تنص على حماية السلامة الجسدية والمعنوية للأشخاص وعدم جواز معاملة الغير تحت أي ذريعة، معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطة من بالكرامة الإنسانية، وعلى تجريم التعذيب بكافة أشكاله، وبمقتضيات الفصل 23 التي تعزز الضمانات القانونية الأساسية لحماية حقوق المتهم بما في ذلك الوقاية من التعذيب وسوء المعاملة حيث نصت على احترام الإجراءات القانونية المطبقة في حال إلقاء القبض على أي شخص أو اعتقاله أو متابعته أو ادانته، و إخبار كل شخص تم اعتقاله بشكل فوري بدواعي اعتقاله وبحقوقه التي منها الحق في التزام الصمت، وتمكينه من الاستفادة من المساعدة القانونية، والاتصال بأقربائه طبقا للقانون، كما نص هذا الفصل على ضمان قرينة البراءة والحق في محاكمة عادلة، وتمتيع الشخص المعتقل بحقوق أساسية وبظروف اعتقال إنسانية. وهي نفس الضمانات القانونية الأساسية التي كرسها قانون المسطرة الجنائية في المادة 66 منه ولا سيما الحق في الاتصال بمحام، والحق في التزام الصمت، والحق في الاتصال بالأقارب.

14 1

وتفعيلا لهذه المقتضيات، قال الداكي، إن رئاسة النيابة العامة تحرص على أن تجعل من حماية حقوق الإنسان ومكافحة التعذيب أولى الأولويات للسياسة الجنائية، وهو ما تعكسه التقارير السنوية لرئاسة النيابة العامة فيما يخص الجوانب المتعلقة بالمعالجة القضائية لقضايا التعذيب، ومتابعة شكايات ادعاءات العنف والتعذيب وسوء المعاملة.

وفي هذا الصدد يقوم قضاة النيابة العامة بدور فعال في منع التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة من خلال السهر على تطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بالوقاية منه ومكافحته، والتفاعل مع الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، وكذا زيارة أماكن الحرمان من الحرية، وفتح تحقيقات في الشكاوى المتعلقة بادعاءات التعذيب المقدمة إليهم، وعرض المعتقلين على الخبرة الطبية كلما اقتضت الضرورة ذلك وفقا للمادة 73 من قانون المسطرة الجنائية.

21 1

ويذكر أن برتوكول استنبول، دليل التقصي والتوثيق الفعالين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة تم اعتماده مند سنة 1999 باعتباره مبادئ توجيهية دولية، يهدف إلى البحث والتحري وتقييم الأشخاص الذي يدعون التعرض للتعذيب وسوء المعاملة والتحقيق في حالات التعذيب المزعومة قصد إبلاغها للجهات القضائية لاتخاذ مايلزم من قرارات بشأنها.

إن اهمية هذا البرتوكول لا تنحصر فقط فيما يحمله من مبادئ وشروط يتعين أن يتقيد بها الخبير الطبي ويستحضرها القضاة وموظفو انفاذ القانون، بل إن تزايد الاهتمام به انعكس في عمل هيئات المعاهدات ولاسيما لجنة مناهضة التعذيب التي تستحضره بمناسبة فحص تقارير الدول الأطراف في اتفاقية مناهضة التعذيب في البعد المتعلق بالتوعية والتكوين في هذا المجال حيث تخصص جزءا من ملاحظاتها الختامية وتوصياتها لذلك.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى