في ظل تفاقم مشكلة “الغش الاجتماعي” (Fraude sociale) وتأثيرها السلبي على الاقتصاد الوطني وحقوق الأجراء، اتخذت مصالح الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي خطوة حاسمة بالانتقال إلى السرعة القصوى في عمليات مكافحة هذه الظاهرة. تمثل الغش الاجتماعي في عدم التصريح بالأجراء لدى مصالح الصندوق، والتلاعب في قيمة الأجور المصرح بها، والعديد من الاختلالات الأخرى التي تضر بالمجتمع والاقتصاد.
ضمن جهودها الرامية إلى تعزيز الشفافية والعدالة الاجتماعية، قامت عناصر التفتيش والمراقبة التابعة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بتنفيذ 8 آلاف و364 عملية مراقبة خلال سنة واحدة فقط. هذه العمليات المكثفة كشفت عن العديد من التجاوزات وأسفرت عن تسوية وضعية 118 ألفًا و489 أجيرًا. بلغت الكتلة الأجرية الإجمالية التي تمت تسويتها نحو 3.89 مليارات درهم (389 مليار سنتيم)، مما يعكس حجم الجهود المبذولة والأثر الإيجابي الذي يمكن أن يترتب على محاربة الغش الاجتماعي.
تكمن أهمية هذه العمليات في تحقيق العدالة للأجراء الذين تعرضوا للغش والظلم من قبل بعض أرباب العمل الذين يتلاعبون في التصريحات الخاصة بالأجور وعدد العاملين. إضافة إلى ذلك، تعزز هذه الجهود الثقة في نظام الضمان الاجتماعي وتشجع على الامتثال للقوانين واللوائح المعمول بها. تعزيز الشفافية والمحاسبة يساهم في بناء نظام اقتصادي أكثر استدامة وعدالة، حيث يتمتع جميع العاملين بحقوقهم كاملة دون تلاعب أو غش.
إن هذه الإجراءات تشكل جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى تحسين نظام الضمان الاجتماعي بالمغرب، وضمان حقوق العمال وتوفير الحماية الاجتماعية لهم. التحرك بحزم ضد الغش الاجتماعي لا يقتصر فقط على الكشف عن التجاوزات بل يتضمن أيضًا إجراءات قانونية وإدارية لضمان عدم تكرار مثل هذه الممارسات في المستقبل.
بالتوازي مع هذه الجهود، من المهم أن تستمر السلطات في توعية أرباب العمل والأجراء على حد سواء حول أهمية التصريح الصحيح بالأجور والعمال، والفوائد التي تعود على الجميع من نظام ضمان اجتماعي قوي وشفاف. هذه التوعية يمكن أن تكون عبر حملات إعلامية، وورش عمل، وبرامج تدريبية تهدف إلى نشر الثقافة القانونية والاجتماعية المتعلقة بالحقوق والواجبات.
تشكل مكافحة الغش الاجتماعي خطوة حاسمة نحو بناء مجتمع أكثر عدالة وتكافؤ فرص، حيث يمكن لكل فرد أن يحصل على حقوقه العمالية والاجتماعية كاملة. تعزيز الثقة في نظام الضمان الاجتماعي لا يقتصر فقط على حماية حقوق العمال، بل يسهم أيضًا في تحسين مناخ الأعمال وزيادة التنافسية الاقتصادية على المدى الطويل. من خلال هذه الجهود المستمرة، يمكن للمغرب أن يحقق تنمية اجتماعية واقتصادية شاملة ومستدامة، تعود بالنفع على جميع مكونات المجتمع.