
تعيش مدينة أكادير وضواحيها على وقع أزمة نقل متفاقمة، باتت تؤرق فئات واسعة من المواطنين، خاصة خلال أوقات الذروة الصباحية والمسائية، حيث أصبح الانتظار الطويل والاكتظاظ عنواناً يومياً لمعاناة التنقل، في مشهد يطرح أكثر من علامة استفهام حول طرق تدبير هذا القطاع الحيوي.
ورغم تعزيز أسطول النقل الحضري بحافلات من الجيل الجديد، إلا أن واقع الحال يكشف أن الإشكال لا يرتبط بالضرورة بنقص الإمكانيات أو قلة الوسائل، بقدر ما يعكس عشوائية في التسيير وضعفاً واضحاً في المراقبة من طرف الجهات الوصية، ما أفرغ هذه الاستثمارات من مضمونها وأفقدها الأثر المنتظر منها.
وخلال فترات الذروة، الممتدة ما بين السابعة صباحاً والثامنة والنصف، يضطر المواطنون إلى الانتظار لفترات طويلة بمحطات الحافلات. وفي مشهد وُصف بالغريب بإحدى محطات مدينة آيت ملول، انتظر المواطنون لأكثر من نصف ساعة قدوم حافلة من الجيل الجديد تحمل الرقما 12، قبل أن تصل دون أن تتوقف، لتتبعها ثلاث حافلات أخرى من نفس النوع، فارغة هي الأخرى، دون أن تفتح أبوابها، ما خلف استياءً واسعاً في صفوف المنتظرين.
المفارقة أن المحطة الرئيسية لهذه الحافلات بآيت ملول ما تزال تعرف صفوفاً طويلة من المواطنين، في وقت تُشاهد فيه حافلات فارغة بالقرب منها، الأمر الذي يعكس، بحسب متتبعين، خللاً في التدبير وسوء توزيع للأسطول، لا يمكن تبريره سوى بغياب التنسيق والرقابة الصارمة.
ولا يختلف الوضع كثيراً بمحطات سيارات الأجرة، خاصة بين إنزكان وأكادير، حيث تشهد محطات الطاكسيات صفوفاً طويلة من المواطنين خلال الفترة ما بين السابعة والثامنة مساءً، قبل أن تتراجع الأعداد بشكل ملحوظ بعد الثامنة ليلاً، تزامناً مع فرض تعريفة الليل، في مشهد يتكرر باستمرار دون تدخل فعلي يضع حداً لهذه الممارسات.
أما الضواحي الأخرى، كسيدي بيبي، وآيت عميرة، والقليعة، وبيوكرى، فقد أصبح الوقت فيها بلا معنى، إذ لم يعد الانتظار محدداً بزمن، وأضحى الاكتظاظ هو القاعدة، فيما تحول الجلوس داخل الحافلة إلى استثناء وحظ نادر بالنسبة للركاب.
أمام هذا الواقع، تتعالى أصوات المواطنين المطالبة بإعادة النظر في طرق تدبير قطاع النقل الحضري وشبه الحضري، وتشديد المراقبة، وربط المسؤولية بالمحاسبة، حتى لا تتحول فرحة تعزيز الأسطول بحافلات جديدة إلى خيبة أمل جديدة، تستمر معها معاناة التنقل وتُثقل كاهل المواطن البسيط في حياته اليومية.



