بعيوي اسكوبار القناطر والسدود .. سجل حافل في عالم المخدرات ينتهي في سجن عكاشة

تعد محاكمة شبكة بعيوي والناصيري في ملف بارون المخدرات اسكوبار الصحراء بالكثير من التشويق، حول تفرعات هذه الشبكة وتاريخ نشاطها الإجرامي المتعلق بالتهريب الدولي للمخدرات.

لكن إذا كان الناصيري رئيس الوداد الرياضي سابقا شخصية معروفة، فإن عبد النبوي بعيوي سطع نجمه بشكل بارز ليتصدر المشهد، فمن هو هذا الرجل القادم من شرق المغرب ومن أسرة فقيرة، ليقود اكبر الشركات المتخصصة في القناطر والسدود في المغرب؟.

بعوي القيادي “البامي” ورئيس جهة الشرق، الذي لم يناضل يوما في أي حزب، اتسمت حياته بالغموض، فهو ابن عامل بناء وكان مهاجرا سريا في فرنسا، قبل أن يصبح رجل أعمال ناجح في المغرب، فكيف التقى بارون المخدرات المالي، وهل سبق له أن جرب تجارة المخدرات في المهجر؟.

كلها أسئلة حاول إحدى المواقع الالكترونية المغربية تركيبها وإعادة الربط فيما بينها، وبالنظر إلى حجم المعلومات القيمة التي أوردها هذا الموقع، فإننا سنحاول تقريب قرائنا ببعض ما جاء فيها.

تقول هذه المصادر، انه “عندما اندلعت قضية المالي، تاجر المخدرات الشهير بلقب إسكوبار الصحراء المسجون حاليا بالجديدة، كل الأضواء الإعلامية تركزت على سعيد الناصري، وهو أمر غير مستغرب على اعتبار أن رئيس الوداد البيضاوي، هو شخصية عامة ومعروف في عالم كرة القدم، أصبح موضوعًا أكثر جاذبية “.

لكن تضيف المصادر: ” في قفص الاتهام، يبدو أننا نغض الطرف عن شخصية لا تقل أهمية ووزنا عنه، شخصية راكمت سلطة سياسية واقتصادية لسنوات عديدة، يتعلق الأمر بعبد النبي بعيوي، الرجل الذي بدأ من الصفر ثم أصبح برلمانيا ورئيس جهة، وفوق كل ذلك على رأس إمبراطورية حقيقية رائدها شركة بعيوي للأشغال العمومية، التي غيرت اسمها إلى « SBTX » منذ بضعة أيام فقط.”

فمن هو هذا الرجل الذي انفردت شركته بانجاز مشاريع عملاقة في المغرب،؟ تقول المصادر، إن: ” عبد النبي بعيوي ولد سنة 1971 بـ فيلاج الطوبة البراني ، وهو حي شعبي بمدينة وجدة، لأب عامل في البناء وأم ربة بيت. في هذا الحي، الذي يسكنه بشكل رئيسي سكان فقراء، نشأ وأكمل تعليمه القصير”.

وقالت المصادر، إن بعيوي لم يتجاوز الصف الإعدادي ولم تكن المدرسة تهمه كثيرا. بعد المدرسة، اتبع الشاب عبد النبي، بدافع الضرورة، خطى والده (الذي توفي عندما كان هو في 16 من عمره)، وتعلم النجارة ولكن كان له طموح أكبر. قبل أن يغادر عبد النبي بعيوي التراب الوطني في نهاية الثمانينات، ليقيم بدون أوراق في فرنسا وقضى فترة في السجن بتهمة السرقة، وهو ما جنبه عقوبة الطرد.

وبمجرد تسوية وضعيته في فرنسا، عاد إلى مسقط رأسه في منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة، قوس محاط بهالة من الغموض، ولكنه تميز بإقامة جديدة في السجن لمدة عامين، وهذه المرة في إسبانيا، حيث تم القبض عليه وإدانته بتهمة الاتجار في المخدرات. في هذه الفترة، قام بإنشاء شركة بعيوي للأشغال في وجدة، وهي شركة للأشغال العمومية أنشئت من عدم، بفضل رأس مال غامض المصدر، والتي انطلقت على الفور في بناء مساكن اجتماعية في عاصمة الجهة الشرقية وفي السعيدية.

لكن ما يهم هو متى التقى بالمالي بارون المخدرات، فتقول المصادر عن هذه النقطة، “تعود اللقاءات الأولى بين عبد النبي بعيوي والمالي إلى نهاية العقد الأول من سنوات 2000، حيث كان الرجلان يلتقيان في مطعم-بار بالقرب من السوق المغطى بوجدة والذي لم يكن يضمن توازنه المالي بالتأكيد من خلال تجارة النبيذ والخمر.”

حينها تقول المصادر، “لم يكن لدى الحاج أحمد بن إبراهيم، المولود في كيدال بمالي، والذي دخل عالم تهريب المخدرات في عام 2006، أي سبب يبرر إقامته في وجدة، سوى أصول والدته، التي هي من مواليد وجدة.” و”لا نعرف طبيعة علاقات العمل التي كانت تربط حينها الرجلين، ولا دورهما الدقيق، من المزود ومن الناقل، في شبكة امتدت أنشطتها، على أقل تقدير، إلى منطقة الساحل، وإلى ليبيا، وحتى مصر وأمريكا اللاتينية.”

لكن تسارعت الأمور في الصيف الماضي، عندما بدأ المالي في تقديم معلومات قيمة إلى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية من داخل سجنه بالجديدة، حيث كان يقبع منذ عام 2019. لكن ما سبب هذا التغير المفاجئ؟ لم يستسغ الرجل أن شركاءه المفترضين السابقين يجردونه من ممتلكاته التي تبلغ قيمتها عشرات الملايين من الدراهم. والحكاية تفجرت بشكل علني يوم 21 دجنبر 2023، تم حبس عبد النبي بعيوي وسعيد الناصري و18 شخصا آخر في سجن عكاشة بناءً على أوامر قاضي التحقيق وتجري متابعة أربعة أشخاص آخرين في حالة سراح مؤقت.

لكن كيف دخل بعيوي الى عالم السياسة، علما ان عبد النبي بعيوي كان شخصا مجهولا تماما، لم يناضل قط في أي حزب سياسي، ولم يكن له اهتمام بالسياسة. ولكن نظرا لوضعه البارز الجديد، فقد اختاره حزب الأصالة والمعاصرة للترشح في الانتخابات التشريعية عام 2011. ومن أجل ذلك حشد جيشا حقيقيا من المختصين في التواصل للقيام بحملته الانتخابية.

وفي البرلمان، شق طريقه بدون عوائق، حيث اختار الانضمام إلى لجنة البنيات التحتية. على مر السنين، أصبح عبد النبى بعيوي يتحكم في تشكيل مجالس الجماعات الترابية وتفكيكها وفق هواه.

وكانت شركة بعيوي تفوز بالصفقات الواحدة تلو الأخرى، بما في ذلك الأوراش الحكومية الكبرى مثل الطرق والسدود. وفضلا عن ذلك، وقبل أيام قليلة من اعتقاله، فازت الشركة بعقد مشروع بناء سد بوخميس بإقليم الخميسات.

وفي عام 2015، وصل عبد النبي بعيوي القمة في مساره السياسي، عندما تم انتخابه كرئيس للجهة الشرقية. وهو المنصب الذي سيعود إليه عام 2021… بعد أن أفلت بأعجوبة من الإدانة في محاكمة تبديد المال العام فيما يتعلق بتدبير أزمة كوفيد-19

ولكن ما بعد السقوط المدوي في قضية المالي، هل ستكون أخر قضية للبعيوي الذي اعتاد على السجون بفرنسا وفي اسبانيا، وتنهي مسار رجل غامض خرج من المستوى الإعدادي، ننتظر القادم في ظل استمرار التحقيقات في الملف وتشعباته.

وللتذكير ففي يوم سابع أكتوبر 2023، قام أعضاء الشرطة الوطنية للشرطة القضائية بعملية مداهمة لمزرعة مملوكة لصهره، تقع بالجماعة القروية بني خالد، قرب بني درار، وتم حجز عدة شاحنات وأطنان من المخدرات، بالإضافة إلى مبالغ مالية كبيرة، كما تم اعتقال شقيقه عبد الرحيم بعيوي برفقة عدة أشخاص، من بينهم ثلاثة مواطنين جزائريين ورئيس سابق لجماعة عين بني مطهر.

بعد ذلك، تم الاستماع إلى عبد النبى بعيوي عدة مرات من قبل الشرطة الوطنية للشرطة القضائية في الدار البيضاء، وكان يتم إطلاق سراحه في كل مرة. حتى 21 دجنبر الماضي، تاريخ اعتقاله مع 24 متهما آخرين، وهو الأمر الذي أحدث زلزالا حقيقيا في المشهد السياسي. ومن المقرر أن يستمع قاضي التحقيق مرة أخرى إلى سعيد الناصري وعبد النبي بعيوي ورفاقهما المعتقلين في عكاشة اعتبارا من 25 يناير الجاري، ومن المؤكد أن تصريحاتهم ستكشف عن المزيد من المفاجآت وستبوح بالتفاصيل المرة في علاقة بعيوي وبارون المخدرات المالي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى