من داخل مجلس أيت ملول.. معارضة شبابية تكشف “الوجه الآخر” للتسيير المحلي

في سياق الجدل الذي طبع دورة أكتوبر لجماعة أيت ملول، وما رافقها من نقاشات حادة حول ملف الماء والاختلالات التدبيرية داخل المجلس، أجرينا هذا الحوار مع المستشار الشاب غسان أعْمِيري، أحد الوجوه المعارضة البارزة داخل المجلس، للوقوف على تفاصيل ما يجري بين كواليس التسيير المحلي.

السؤال 1: بداية، ما هي خلفية مرافعتكم الأخيرة داخل المجلس حول موضوع الماء الصالح للشرب؟

غسان أعْمِيري:
الوضع في بعض أحياء أيت ملول أصبح مقلقًا للغاية. هناك مناطق تعاني من انقطاع متكرر للماء، وأخرى لم تعرف التزويد أصلاً. لذلك اعتبرنا أن من واجبنا كمنتخبين أن ندافع عن حق الساكنة في الماء، وهو حق دستوري قبل أن يكون مطلبًا اجتماعياً. ما طرحناه خلال الدورة هو ضرورة احترام شروط الصحة والسلامة في الصهاريج التي تعتزم الجماعة استدانتها من العمالة، لأننا لا نقبل أن يتحول الحل المؤقت إلى خطر على صحة المواطنين.
السؤال 2: كيف تقيّمون طريقة تعامل المجلس مع هذا الملف الحيوي؟
غسان أعْمِيري:
للأسف، نلاحظ أن التدبير يغلب عليه الارتجال وردّ الفعل بدل التخطيط الاستباقي. الملف لم يُدرج في وقته المناسب، ولم تُنجز الدراسات التقنية المطلوبة. بدل التفكير في حلول مستدامة، يتم اللجوء إلى “المسكنات” مثل الصهاريج دون مراعاة للمعايير القانونية.
السؤال 3: ذكرتم في بلاغاتكم وجود خروقات قانونية في مجال العقار وتدبير المرافق. هل يمكن أن تقدموا أمثلة ملموسة؟
غسان أعْمِيري:
نعم، رصدنا عدة حالات تتعلق بتفويت عقارات في ظروف غير شفافة، وأخرى تخص استغلال مرافق جماعية بدون سند قانوني. وقد وجهنا أسئلة كتابية للرئيس وراسلنا الجهات الوصية، بل وضعنا شكايات رسمية تتعلق بحماية المال العام. المؤسف أن عوض التحقيق في مضمون هذه الملفات، تم استدعاؤنا من طرف الشرطة كما لو كنا الجناة وليس المبلّغين.
السؤال 4: هل تعتبرون هذه الاستدعاءات نوعاً من الترهيب السياسي؟
غسان أعْمِيري:
بكل وضوح، نعم. هي محاولة لإسكات الأصوات المزعجة داخل المجلس. نحن شباب مؤمنون بالعمل من داخل المؤسسات، لا نمارس المعارضة من أجل المعارضة، بل من أجل المدينة. ومع ذلك، نجد أنفسنا أمام سيناريوهات تُفبرك لإرهاقنا واستنزافنا معنوياً وقانونياً.
لكننا نؤكد أننا لن نتراجع، لأننا نؤمن أن من يكشف الفساد لا يجب أن يُعاقب، بل أن يُحمى.
السؤال 5: كيف تفسرون موقف عامل الإقليم السابق الذي استضافكم ثم تحركت ضدكم المتابعات بعد ذلك؟
غسان أعْمِيري:
كان أملنا أن تفتح السلطة الإقليمية تحقيقاً جاداً في الشكايات التي قدمناها، لكن ما حدث كان عكس ذلك تماماً. لا نريد الدخول في النيات، لكننا نأسف لأن صوت الشباب المخلص قوبل بالتجاهل، بل وبردود فعل انتقامية غير مفهومة. ربما لأننا اخترنا قول الحقيقة في وجه من يملكون النفوذ.
السؤال 6: هناك من يرى أنكم تبالغون في الخطاب المعارض وأنكم تبحثون عن الإثارة السياسية؟
غسان أعْمِيري:
لو كنا نبحث عن الإثارة، لالتزمنا الصمت وركبنا موجة المصالح. لكننا اخترنا طريقًا أصعب: طريق المراقبة والنزاهة. نحن لا نعارض الأشخاص، بل ننتقد الأساليب التي تضر بالمدينة وبالمال العام. الغيرة على أيت ملول هي ما يحركنا، وليست الرغبة في الظهور.
السؤال 7: ما تقييمكم العام لأداء المجلس الجماعي الحالي؟
غسان أعْمِيري:
المجلس يعاني من ضعف في الرؤية وتشتت في الأولويات. الملفات الكبرى، مثل المستشفى والمرافق الرياضية والثقافية، ظلت مجمدة رغم توفر الإمكانيات. هناك تهميش واضح لبعض الأحياء وغياب عدالة مجالية حقيقية. نحن في حاجة إلى قيادة جماعية تضع المصلحة العامة فوق الحسابات السياسية.
السؤال 8: أنتم شباب من الجيل الجديد في السياسة المحلية، كيف ترون مستقبل المشاركة الشبابية في ظل هذه الظروف؟
غسان أعْمِيري:
نخشى أن تؤدي هذه الممارسات إلى عزوف سياسي أكبر بين الشباب. كيف سنقنعهم بالمشاركة إذا رأوا زملاءهم يُعاقبون على مبادرتهم؟ نحن نؤمن أن الإصلاح يبدأ من داخل المؤسسات، وأن الشباب هم طاقة التغيير الحقيقي. لكن يجب أن يجدوا بيئة تشجعهم لا تحاربهم.
السؤال 9: ما رسالتكم الختامية للساكنة وللسلطات الوصية؟
غسان أعْمِيري:
نقول للساكنة: نحن صوتكم داخل المجلس وسنظل ندافع عنكم مهما كلفنا الأمر. ونقول للسلطات الوصية: نريد فقط إنفاذ القانون والعدل، لا أكثر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى