
تعيش جماعة أيت ملول هذه الأيام على وقع دورة أكتوبر العادية، التي لم تكن عادية على الإطلاق، بل تحولت إلى نقطة تقاطع بين مستجد إداري مفاجئ وجدل متجدد حول تدبير القطاع الرياضي. الدورة، التي كان من المفترض أن تكون محطة روتينية، أثارت عاصفة من التساؤلات والغموض، خصوصاً في ظل غياب أحد أبرز أركان السلطة الإقليمية.
توقيف العامل أبو الحقوق… مستجد يقلب الطاولة
تصدر المشهد المحلي خبر توقيف عامل إقليم إنزكان أيت ملول عن مهامه، وهو قرار جاء ليغير بشكل مفاجئ ملامح المشهد الإداري والسياسي في المنطقة. هذا الغياب المفاجئ ألقى بظلاله مباشرة على مداولات المجلس الجماعي، ووضع المراقبين أمام علامات استفهام كبرى: هل توقيف المسؤول الأول عن الإقليم مجرد قرار إداري بحت، أم أنه يحمل دلالات أعمق ترتبط بما يجري من قرارات داخل المجلس؟
يطرح السؤال نفسه بقوة: هل نحن أمام إعادة ترتيب للأوراق، تهدف إلى فتح مرحلة جديدة من القرارات والنهج التدبيري، تختلف عن سياسة الإدارة السابقة؟ أم أن هذا الغياب سيُستغل من طرف البعض لـ “تمرير” ملفات وقرارات قد تكون مثيرة للجدل، بعيداً عن الرقابة المباشرة لـ “سلطة الوصاية” التي يمثلها العامل؟
الدعم الرياضي… شبكة معايير تحت المحك
لم يقتصر الجدل على البعد الإداري فقط، بل انتقل إلى الملف الرياضي الذي كشف عن تناقضات واضحة في التدبير المحلي. ففي الوقت الذي كان ينتظر فيه الشارع الرياضي إقراراً عادلاً للدعم الموجه للأندية، جاء جدول أعمال دورة أكتوبر ليصادق على اتفاقيات دعم مع عدد محدود من الجمعيات الرياضية، أبرزها جمعية الاتحاد الرياضي البلدي لايت ملول وجمعية نادي شبيبة الشهداء لكرة القدم.
في المقابل، تم إقصاء وتهميش الأغلبية الساحقة من الفرق الرياضية الأخرى في الجماعة. هذا الإقصاء يضع المجلس في موقف حرج، خصوصاً وأنه كان قد صادق في وقت سابق على شبكة معايير واضحة لتوزيع الدعم، تهدف بالأساس إلى تحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص بين كافة الأندية.
هذا الانتقاء الانتقائي يفتح الباب مجدداً أمام سيناريو الترضيات السياسية والزبونية. فكيف يمكن تبرير إقصاء فرق تمارس نفس الأنشطة الرياضية وتخضع لنفس القرارات الجبائية، وتساهم في خزينة الجماعة، ليذهب الدعم إلى “المقربين” أو الفرق الأكثر حظوة؟
الأندية المقصاة، ومعها جزء كبير من الرأي العام، ترى في هذا التوجه ضرباً لمبدأ العدالة الرياضية وتكريساً لسياسة الكيل بمكيالين. فالمعادلة بسيطة: إذا كانت هناك معايير معلنة، فيجب أن تطبق على الجميع دون استثناء.
ما بعد الدورة: هل هي مرحلة امتصاص الغضب أم إنصاف حقيقي؟
تترقب أيت ملول نتائج هذه الدورة الاستثنائية بكل المقاييس. بين غموض توقيف العامل وما يحمله من رسائل، وبين قرارات المجلس التي أثارت سخط الرياضيين والحرفيين (بسبب النقطة المتعلقة بتعليق القرار التنظيمي لمنع بعض الأنشطة)، يبدو أن دورة أكتوبر هي فعلاً نقطة تحول.
لكن يبقى السؤال معلقاً على كل لسان: هل ما يجري هو مجرد إجراءات استعجالية لامتصاص الغضب الشعبي والرياضي، أم أنها فعلاً بداية لمرحلة جديدة من الحكامة المحلية، تقوم على الوضوح والإنصاف والتدبير المسؤول، بعيداً عن منطق المحسوبية والقرارات غير المتوازنة؟ الأيام القادمة وحدها من ستحمل الإجابة.