
في مشهد يتكرر كثيراً في أروقة المجالس المحلية، يتصاعد الجدل في جماعة أيت ملول حول قضية حساسة تضع مبدأ “العدالة المجالية” على المحك. ففي رسالة رسمية، وجه المستشار الجماعي عبد العالي ازنكض اتهامات صريحة للأغلبية المسيرة بتطبيق القانون بشكل انتقائي، مطالبًا بإدراج نقطة في جدول أعمال دورة أكتوبر لتعديل مسارات طرق تهدد منازل مواطنين، في حين تم تعديل طرق أخرى لصالح مستثمرين.
وقد استند المستشار في طلبه إلى المادة 32 من القانون 90-12 للتعمير، والتي تمنح رئيس الجماعة صلاحية تعديل مسارات الطرق متى اقتضت “المصلحة العامة”. ولكن في حالة أيت ملول، يبدو أن مفهوم “المصلحة العامة” يختلف باختلاف الأطراف المعنية.
معياران لتطبيق القانون
تظهر المراسلة الموجهة إلى رئيس الجماعة تناقضاً صارخاً. فبينما يطالب المستشار بتعديل مسار الطريق VP2-09 بعرض 50 مترًا، والتي “تخترق منازل قائمة ومرخصة” في أحياء قصبة الطاهر والمزار، ترفض الأغلبية المسيرة إدراج هذه النقطة في جدول الأعمال. وفي المقابل، يذكر المستشار أن نفس المجلس قام مسبقًا بتعديل مسار الطريق AT555 وتقليص عرض الطريق AT72 من 15 إلى 8 أمتار، وهي طرق لا تشكل “أي ضرر على الساكنة”، بل تخترق فقط “بعض العقارات الخاصة بمستثمرين معروفين”.
هذا التمييز في التعامل يطرح تساؤلات جدية حول الدوافع الحقيقية وراء قرارات المجلس. فإذا كان القانون يسمح بالمرونة لتفادي الأضرار، فلماذا تُمنح هذه المرونة للمستثمرين وترفض للمواطنين الذين يواجهون تهديدًا بهدم منازلهم؟
مواطنون تحت التهديد
الوضع ليس مجرد خلاف إداري؛ بل يمس حياة العشرات من الأسر التي حصلت على رخص بناء وسكن قانونية، وتعيش الآن تحت وطأة تهديد مستمر بالهدم. هذا التناقض بين تصميم التهيئة ورخص السكن الممنوحة يعكس إما خللاً في التخطيط العمراني، أو فسادًا في منح التراخيص، أو كلاهما معًا.
إن إصرار المستشار على تسليط الضوء على هذه القضية هو خطوة مهمة لمحاسبة المسؤولين. فالمادة القانونية التي منحتهم السلطة لخدمة الصالح العام، تُستخدم الآن لتكريس ما يمكن تسميته بـ”العدالة الانتقائية”، التي تخدم مصالح البعض على حساب استقرار وكرامة الأغلبية.
إن كرامة المواطن وحقه في الاستقرار لا يجب أن يخضعا لأي تمييز أو تسييس، وهو ما يلخص جوهر هذه القضية. فهل ستستجيب الأغلبية المسيرة في جماعة أيت ملول لهذا النداء، أم ستترك المجال مفتوحًا لمزيد من الإحباط والتوتر بين المواطنين والمؤسسات المنتخبة؟