
تتصاعد حدة الجدل حول إدارة المساجد والأوقاف، في ظل ما يكشف عنه من تجاوزات خطيرة تهدد حرمة بيوت الله وتثير قلق الفاعلين الحقوقيين والسياسيين على حد سواء. فقد أثارت كل من مراسلة برلمانية الى وزير الأوقاف و الشؤون الإسلامية، بالإضافة إلى طلب تحقيق عاجل من الشبكة المغربية لحقوق الانسان، تساؤلات جدية حول شرعية بعض التصرفات في تدبير شؤون مسجد “الشهداء” بحي الشهداء بآيت ملول.
تجاوزات في توسعة مسجد “الشهداء” تثير الشكوك
كشف سؤال كتابي موجه من البرلماني الشناق إلى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية عن “تجاوزات خطيرة” تتعلق بالاستيلاء على قطعة أرضية مخصصة لتوسعة مسجد ” الشهداء” بآيت ملول. وتؤكد الوثائق المرفقة بسؤال البرلماني أن هذه الأرض كانت قد خصصت للمسجد بموافقات إدارية وعسكرية متعددة، تعود بعضها إلى عام 2011، 2013، و2014. ورغم هذه الموافقات الصريحة، تفيد المراسلة بأن “جماعة آيت ملول” قامت بضم الأرض المذكورة إلى الحديقة المجاورة، في “انتهاك صريح للقوانين المنظمة للأوقاف وحقوق الجماعة المحلية والساكنة على حد سواء”.
ويصف البرلماني هذا السلوك بأنه “عدواني” و”اعتداء على حرمة المسجد”، معتبراً أنه يهدد مبدأ حماية الأملاك الوقفية ومصلحة الساكنة في التوفر على فضاء كاف لأداء الشعائر الدينية. وطالب البرلماني بفتح تحقيق وتحديد المسؤوليات واتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف أي استغلال غير مشروع لأملاك الوقف.
تدخلات سياسية في جمعية المسجد: خطر على السلم الديني
في سياق متصل، أضافت “الشبكة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد بالمغرب – فرع إنزكان أيت ملول” بعداً آخر للقضية، بتوجيه طلب عاجل إلى عامل عمالة إنزكان أيت ملول يطالب بفتح تحقيق إداري وقانوني في “خروقات تمس تدبير شؤون المسجد . وأفادت الشبكة بأنها رصدت “محاولات تدخل بعض المنتخبين المحليين بشكل غير قانوني في شؤون جمعية المسجد، وذلك لأغراض سياسوية وانتخابية لا تمت بصلة لا للعمل الجمعوي ولا الديني”.
وأشارت الشبكة بشكل خاص إلى “محاولة فرض استقالة رئيس الجمعية الشرعية، دون أي سند قانوني، تمهيدا لتأسيس جمعية بديلة”. واعتبرت الشبكة أن هذا التصرف يمثل خرقاً صريحاً للفصل 7 من قانون الجمعيات، وتجاوزاً لمقتضيات النظام الأساسي النموذجي المنظم لجمعيات بناء وتسيير المساجد، وتدخلاً غير مشروع في مهام ومسؤوليات الجمعية. كما ذكرت أن “حل الجمعيات ضمن اختصاصات النيابة العامة أو الجمع العام، حسب المادة 37 من قانون الجمعيات”.
وحذرت الشبكة من أن “أي محاولة لاستغلال المسجد أو جمعيته لأغراض سياسية تعد إخلالا خطيرا بالسلم الديني والاجتماعي، وتستدعي المساءلة والمحاسبة”. وطالبت بفتح تحقيق شفاف، وحماية الجمعية الشرعية القائمة، ومنع أي ازدواجية في التسيير أو استغلال سياسي للمسجد.
تضع هذه المستجدات مسؤولي وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والسلطات الإقليمية أمام تحدٍ كبير لضمان تطبيق القانون وحماية الأوقاف من أي استغلال أو تدخلات غير مشروعة، والحفاظ على قدسية المساجد ودورها الروحي والاجتماعي بعيداً عن الصراعات السياسية.