تيزنيت تحتضن يوما دراسيا وطنيا حول اللغة الأمازيغية في المنظومة التربوية: رهان التعميم في قلب النقاش

في خطوة علمية تعكس الاهتمام المتزايد بمكانة اللغة الأمازيغية في المدرسة المغربية، شهد مركز الدراسات والتكوين ابن زهر بمدينة تيزنيت، صباح يوم الأحد 29 يونيو 2025، تنظيم يوم دراسي وطني حول موضوع: “اللغة الأمازيغية في المنظومة التربوية: واقع الإدماج ورهان التعميم”، بمشاركة ثلة من الأكاديميين والفاعلين التربويين من مختلف جهات المملكة.

اللقاء كان مناسبة لتشريح واقع تدريس اللغة الأمازيغية، وتقييم تجربة إدماجها في المؤسسات التعليمية، في ضوء ما ينص عليه الدستور المغربي من ترسيم للأمازيغية كلغة وطنية إلى جانب العربية، والتزامات الدولة بإدماجها في الحياة العامة، وعلى رأسها المدرسة.

من الإقصاء إلى الرهان على التعميم
في مداخلة الأستاذ عبد العزيز التوزاني، رئيس جمعية مدرسي اللغة الأمازيغية بجهة طنجة تطوان الحسيمة، تمت الإشارة إلى الفجوة بين الالتزام الدستوري بإدماج الأمازيغية، وواقع “الإقصاء الصامت” الذي تعانيه في الفصول الدراسية، داعياً إلى إرادة سياسية صادقة تخرج هذا الورش من دائرة الشعارات.

أما الأستاذ رشيد أوشطين، المكوّن بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بسوس ماسة، فتناول التحديات المرتبطة بتكوين أساتذة الأمازيغية، مشيراً إلى الخصاص المهول في الأطر المتخصصة، وغياب رؤية متكاملة لتأهيل المدرسين في هذا المجال.

الأساتذة على خط النار
من جهته، أوضح الأستاذ عبد الله أنوار، منسق التنسيقية الوطنية لأساتذة اللغة الأمازيغية، أن واقع تدريس الأمازيغية يراوح مكانه بسبب غياب استراتيجية وطنية واضحة، مؤكداً أن الأساتذة يعيشون أوضاعاً مهنية صعبة، تتسم بالهشاشة والتهميش.

كما سلّط الأستاذ محسن الدهبي، من جهة فاس مكناس، الضوء على تجربة الأمازيغية في “مشروع الريادة”، مبرزاً التمييز المؤسساتي الذي يطال المادة مقارنة بباقي المواد التعليمية الأساسية.

الجمعيات التربوية: قوة اقتراحية ميدانية
الأستاذ رشيد أيت عمرو، من ورزازات، تحدّث عن دور الجمعيات في تأطير المدرسين والدفاع عن الأمازيغية، مبرزاً تجربة جمعية مدرسي الأمازيغية بورزازات كنموذج يُحتذى، في ظل غياب دعم رسمي فعلي.

بدوره، شدد الأستاذ محمد امدجار، رئيس منظمة تاماينوت، على أن الأمازيغية ليست منّة، بل حق ومشروع مجتمعي ودستوري، داعياً إلى مقاربة مندمجة تأخذ بعين الاعتبار الجانب الثقافي والتعليمي والحقوقي.

التعميم رهين بإرادة سياسية
وفي مداخلته، نبّه الأستاذ الخليل برا من شيشاوة، إلى ما وصفه بـ”معضلة التعميم”، التي أصبحت شعاراً مفرغاً من محتواه دون موارد بشرية ولوجيستية كافية.

أما الأستاذ الحسين سفرت، من جهة الدار البيضاء سطات، فقد ختم بنبرة نقدية قائلاً: “الانتقال من النص السياسي إلى الممارسة التربوية لا يزال رهينة إرادتين: إرادة رسمية حذرة، وإرادة مجتمعية مستعدة… ولكنها تُهمَّش”.

خلاصة
اليوم الدراسي خلص إلى توصيات عملية دعت إلى وضع خريطة طريق واضحة لتعميم تدريس الأمازيغية، وتوفير الموارد البشرية الكافية، وتعزيز تكوين الأساتذة، إلى جانب مراجعة مناهج وكتب اللغة الأمازيغية لتواكب التطور البيداغوجي.

وقد أكد المشاركون أن رهان إنصاف الأمازيغية في المدرسة المغربية لا يمكن كسبه إلا بإرادة سياسية حقيقية، واستثمار فعلي في الإنسان والمحتوى، واعتبار اللغة الأمازيغية مكوناً أصيلاً في الهوية الوطنية وليس مجرد مادة تعليمية ثانوية.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى