عامل اشتوكة آيت باها يترأس اجتماعًا موسعًا لبحث أزمة الماء ويحث على تسريع الحلول المستدامة

ترأس السيد محمد سالم الصبتي، عامل إقليم اشتوكة آيت باها، صباح اليوم الخميس 19 يونيو 2025، اجتماعًا موسعًا بمقر العمالة خصص لمناقشة الوضعية المائية المقلقة التي يعيشها الإقليم، في ظل التحديات المرتبطة بندرة الموارد المائية وتوالي سنوات الجفاف، وذلك بحضور عدد من رؤساء الجماعات الترابية، ومدير الشركة الجهوية متعددة الخدمات سوس ماسة، وممثلين عن وكالة الحوض المائي، ومسؤولين من المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي، فضلاً عن عدد من المنتخبين والفاعلين المهتمين بالملف.

أزمة متفاقمة في ظل محدودية الموارد
الاجتماع جاء في وقت حرج، إذ يشهد الإقليم ضغطًا متزايدًا على الموارد المائية، سواء على مستوى الماء الشروب أو مياه الري، خاصة في ظل التوسع الديمغرافي والنمو العمراني السريع الذي تعرفه جماعات مثل آيت اعميرة وبلفاع وسيدي بيبي. وقد أشار السيد العامل إلى أن معالجة أزمة الماء لم تعد تحتمل التأجيل، داعيًا إلى تسريع تنفيذ البرامج الاستعجالية لتوسيع محطة تحلية مياه البحر بـالدويرة، والتي تبلغ تكلفة الطن الواحد من مياهها المحلاة حوالي 13 درهمًا، ما يشكل تحديًا ماليًا إضافيًا.

توزيع غير عادل ومطالب بالعدالة المجالية
من جهته، كشف المدير الجهوي للشركة الجهوية متعددة الخدمات، أن محدودية إنتاج محطة الدويرة تقف حاليًا عائقًا أمام تعميم الربط بشبكة مياه البحر المحلاة، مشيرًا إلى أن الأولوية تُمنح حاليًا للجماعات التي تعاني من وضعية حرجة. كما أشار إلى أن 98% من مشروع تزويد دواوير جماعتي هلالة وتسكدلت قد تم تنفيذه، في انتظار تعميم التغطية على باقي المناطق.

وفي السياق ذاته، عبّر رئيس جماعة بلفاع عن استغرابه من غياب العدالة المجالية في مشاريع الماء، داعيًا مصالح الشركة الجهوية إلى الاشتغال بعمق الدواوير، وليس الاكتفاء بمراكز الجماعات. وهو نفس الطرح الذي زكاه رئيس جماعة آيت اعميرة، الذي أكد أن الجماعة تسير 17 ألف عداد مائي من 9 آبار فقط لفائدة أزيد من 113 ألف نسمة، في وقت تُشرف فيه أزيد من 24 جمعية على تدبير قطاع الماء الصالح للشرب بباقي تراب الجماعة، مما يعكس ضعف التناسق وصعوبة التدبير الموحد.

مشاريع معلقة وآمال معلقة
في خبر سار لساكنة آيت اعميرة، أعلن المدير الجهوي للشركة الجهوية عن المصادقة على دراسة مشروع التطهير السائل (الواد الحار)، موضحًا أن إعلان صفقة الأشغال سيتم خلال شهر شتنبر المقبل. إلا أن هذا التفاؤل يقابله واقع صعب على مستوى باقي الجماعات، حيث كشف المدير الجهوي أن مشاريع الواد الحار تتركز فقط في بيوكرى وآيت باها وبلفاع، من أصل 22 جماعة، ما يبرز الحاجة لتوسيع هذه المشاريع لتشمل باقي المناطق المهمشة.

مخاوف من استنزاف المياه الجوفية وغياب الرقابة
الاجتماع تخللته مداخلات لعدد من المنتخبين الذين حذروا من ممارسات خطيرة تستنزف المياه الجوفية، وعلى رأسها نقل مياه الشرب بواسطة الشاحنات الصهريجية العملاقة من الدواوير نحو الضيعات الفلاحية، وهي الظاهرة التي ندد بها عضو الغرفة الجهوية للفلاحة ازركي، مطالبًا بفرض رقابة صارمة لوقف هذا النزيف.

من جانبه، أوضح مدير المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي أنه سيتم تجهيز جميع الآبار الفلاحية بالعدادات، في خطوة تهدف إلى تتبع الاستهلاك والحفاظ على الفرشة المائية. كما أشار نائب رئيس الجهة مفكر إلى أن تجربة حفر الآبار بالمناطق الجبلية أظهرت محدوديتها، داعيًا إلى تفعيل بدائل أكثر نجاعة.

دعوات للتعجيل بإنجاز السدود وصيانة المنشآت المائية
خلال الاجتماع، دعا رئيس جماعة ايت باها، إلى التعجيل بإنجاز سد آيت لعباس بمنطقة أوكنز، باعتباره مشروعًا استراتيجيًا لإنقاذ المنطقة الجبلية من العطش، كما طالب مصالح الحوض المائي بتكثيف جهودها لتنقية سد أهل سوس بآيت مزال لضمان استمرارية وظيفته المائية.

دعوة مركزية لصيانة الشبكات وتثمين الماء
في ختام الاجتماع، شدد عامل الإقليم على ضرورة صيانة الشبكات الداخلية في الجماعات التي تستفيد من مياه البحر، وفي مقدمتها جماعة آيت اعميرة، من أجل الحد من تسربات الماء وضمان حسن استغلاله، مؤكدًا أن الدولة تبذل مجهودات كبيرة في توفير الماء رغم كلفته المرتفعة، ومن واجب الجماعات الترابية أن تنخرط بفعالية في هذه الدينامية عبر ترشيد التدبير المحلي.

خطة مستقبلية وتفاؤل حذر
الشركة الجهوية متعددة الخدمات سوس ماسة عرض خلال اللقاء خطة متكاملة لتنفيذ مشاريع تكميلية لتزويد دواوير جماعات سيدي عبد الله البوشواري، أوكنز، وتاركانتوشكا، في إطار سعي المؤسسة إلى توسيع دائرة الاستفادة وتقليص الفوارق المجالية.

في المجمل، كان اللقاء مناسبة لتشخيص واقع مائي يزداد هشاشة، وتقديم توصيات وخطط عملية قابلة للتنفيذ، غير أن نجاحها يظل رهينًا بمدى التنسيق بين مختلف الفاعلين، وبالإرادة السياسية والمجتمعية الحقيقية لإنقاذ الإقليم من شبح العطش الذي يتهدد مستقبله القريب.

 

ايمان عياد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى