مطالب شعبية بإيفاد لجنة تفتيش إلى جماعة أيت ملول للتحقيق في خروقات مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية”صور”

تشهد جماعة آيت ملول، التابعة لعمالة إنزكان آيت ملول، حالة من الاستياء الشعبي المتصاعد، مصحوبًا بمطالبات قوية من فعاليات المجتمع المدني والحقوقي بضرورة إيفاد لجنة تفتيش مركزية من المجلس الأعلى للحسابات. تهدف هذه المطالبات إلى الوقوف على ما وُصف بـ”الخروقات الصارخة” التي شابت تدبير مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بالمنطقة.

يأتي هذا الغليان في سياق ما يعتبره متتبعون “هدرًا ممنهجًا للمال العام”، حيث يُعزى ذلك إلى فشل العديد من المشاريع التنموية المنجزة في إطار المبادرة. هذه المشاريع، التي خُصصت لها اعتمادات مالية ضخمة، كان من المفترض أن تُحدث تحولًا نوعيًا في حياة الساكنة من خلال تحسين البنية التحتية والخدمات الاجتماعية في قطاعات حيوية مثل التعليم والصحة والإدماج الاقتصادي.

مشاريع “صورية” ومرافق مهددة بالانهيار
تُشير شهادات جمعوية محلية وتدوينات متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن عددًا كبيرًا من هذه المشاريع إما لم يكتمل إنجازه، أو أُنجز بصورة شكلية لا تستوفي المعايير التقنية، أو تحول إلى مجرد “واجهات إعلامية” لا تعكس أي أثر ملموس على أرض الواقع. الأسوأ من ذلك، أن بعض المرافق التي تم تدشينها سابقًا أصبحت مهددة بالاندثار بسبب الغياب التام لبرامج الصيانة والتتبع.

تعاني العديد من الفضاءات العامة والمراكز الاجتماعية، التي مُولت بأموال المبادرة، من تصدعات هيكلية وأعطال في التجهيزات، إضافة إلى تدهور ملحوظ في البنية التحتية. وقد أدى هذا الوضع إلى توقفها عن تقديم الخدمات للفئات المستهدفة، مما يفاقم من مشكلة هدر المال العام.

غياب الصيانة والتتبع: نقطة ضعف التنمية المحلية
تؤكد مصادر محلية أن تدهور هذه المشاريع لا يعود إلى نقص الموارد المالية، بل إلى غياب رؤية متكاملة واستراتيجية مستدامة للصيانة. يتم إنجاز المشاريع دون تخصيص ميزانيات لاحقة تضمن الحفاظ على بنياتها وجودة خدماتها. كما تُشير الشهادات ذاتها إلى أن الجماعة  لم تُدرج عددًا من هذه المشاريع ضمن ميزانيتها السنوية الخاصة بالصيانة، مما يطرح تساؤلات جدية حول نجاعة التدبير المالي داخل المجلس الجماعي.

دعوات للتحقيق وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة
في ظل هذه الاختلالات، وجه نشطاء وفاعلون جمعويون نداءات عاجلة إلى السيدة زينب العدوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، للتدخل وإيفاد لجنة تفتيش مركزية إلى جماعة آيت ملول. الهدف هو التحقيق في جميع الخروقات المرصودة وتحديد المسؤوليات وفقًا للقانون، انسجامًا مع التوجيهات الملكية السامية التي تؤكد على ربط المسؤولية بالمحاسبة وتعزيز الحكامة في تدبير الشأن المحلي.

كما طالبوا عامل عمالة إنزكان آيت ملول بضرورة تفعيل دوره في المراقبة الإدارية، وإجراء تقييم شامل لمدى التزام الجماعة بمهامها في صيانة المشاريع وضمان استدامتها، خدمةً للمصلحة العامة.

بانتظار تحرك الجهات المعنية، تبقى مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في آيت ملول نموذجًا صارخًا للتحديات التي تواجه تنفيذ البرامج التنموية على المستوى المحلي. هذه المشاريع تتطلب حوكمة حقيقية وصارمة في التتبع والمراقبة لضمان ألا يتحول الاستثمار العمومي إلى مجرد أرقام على الورق، دون عائد واقعي وملموس على حياة المواطنين.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى