
مع تولي السيد محمد سالم الصبتي مهام عامل إقليم اشتوكة آيت باها الجديد، تستبشر الساكنة المحلية بمرحلة جديدة قوامها الإنصات الفعال والتفاعل الجاد مع قضايا المواطنين. وتحدوهم آمال عريضة في معالجة المشاكل المتراكمة التي طالما أعاقت مسيرة التنمية وتركت آثارًا سلبية على جودة الحياة في الإقليم.
“وإذ تستقبل الساكنة العامل الجديد بتطلعات وآمال كبيرة، لا يفوتها التنويه بالجهود التي بذلها العامل السابق السيد جمال خلوق خلال فترة ولايته على رأس الإقليم. فقد شهدت تلك الفترة إطلاق ومتابعة عدد من المشاريع التنموية والاجتماعية التي ساهمت في تحقيق بعض المكتسبات وتحسين جوانب معينة من حياة المواطنين. ويبقى التقدير موصولًا لكل من خدم هذا الإقليم وسعى للرقي به.”
فعلى الرغم من المكانة الاقتصادية المتميزة التي يحظى بها الإقليم بفضل إسهامه المحوري في الإنتاج الفلاحي على الصعيد الوطني، لا يزال واقع التنمية الاجتماعية والخدمات الأساسية دون الطموحات، مما يجعل تدخل العامل الجديد ضرورة ملحة لاستعادة التوازن المجالي والاجتماعي المنشود.
أزمة المياه والجفاف: شبح يهدد الاستقرار المائي والزراعي
يواجه الإقليم تحديًا متزايدًا يتمثل في ندرة الموارد المائية، تفاقمت حدته بفعل توالي سنوات الجفاف. وقد أدى ذلك إلى انخفاض مقلق في منسوب المياه الجوفية ونقص حاد في مياه الشرب والري، لا سيما في المناطق الجبلية.
ورغم المبادرات التي أطلقتها الدولة، كمشروع توسعة محطة سد أهل سوس ومشروع تحلية مياه البحر بالدويرة، يبقى الوضع يستدعي تبني سياسات استعجالية وفعالة لضمان الأمن المائي، خاصة وأن القطاع الفلاحي المحلي يعتمد بشكل أساسي على الري.
قطاع صحي هش: مراكز تفتقر للتجهيزات ومرضى يئنون تحت وطأة التنقل
يُعاني القطاع الصحي في اشتوكة آيت باها من ضعف بنيوي، حيث تشكو المراكز الصحية من نقص حاد في التجهيزات الطبية والموارد البشرية المؤهلة.
ويزيد من حدة الوضع إغلاق بعض المراكز الصحية أو عملها بشكل متقطع، مما يضطر المرضى إلى تكبد مشقة وعناء التنقل إلى مدينتي أكادير أو إنزكان لتلقي العلاج، وهو ما يمثل عبئًا إضافيًا على سكان المناطق الجبلية والقرى النائية.
هشاشة اجتماعية وحقوق مهضومة لعمال القطاع الفلاحي
على الرغم من الدور الاقتصادي الحيوي الذي يضطلع به القطاع الفلاحي، يعيش آلاف العمال والعاملات الزراعيين ظروفًا معيشية صعبة تتجلى في:
تدني الأجور.
غياب التغطية الصحية والتأمين الاجتماعي.
انتشار حالات التحرش الجنسي في أماكن العمل.
ظروف نقل غير لائقة تفتقر لأدنى شروط السلامة الإنسانية، فضلاً عن انعدام مرافق الاستراحة في الحقول.
تستدعي هذه المعطيات إرساء عقد اجتماعي جديد يحفظ كرامة هذه الفئة العاملة ويضمن لها حقوقها الأساسية.
أزمة البنية التحتية: طرق مهترئة وتجمعات سكانية معزولة
تعاني العديد من الطرق داخل الإقليم، خاصة في المناطق القروية والجبلية، من تهالك شديد وصعوبة الولوج، مما يؤثر سلبًا على:
تنقل المرضى والطلاب.
عمليات تسويق المنتجات الفلاحية.
جاذبية الإقليم للاستثمارات.
كما أن ضعف شبكة النقل العمومي يزيد من عزلة بعض الدواوير، وهو ما يستدعي تدخلًا عاجلاً لتحسين البنية التحتية الطرقية وتعزيز النقل الجماعي.
قطاع التعليم: خصاص في الأطر واكتظاظ في المؤسسات
يواجه قطاع التعليم في الإقليم تحديات مزمنة تتجلى في:
نقص في الأطر التربوية، خاصة في سلك التعليم الثانوي.
وجود أقسام متعددة المستويات في المناطق الجبلية.
اكتظاظ حاد في المدارس بالمناطق السهلية.
ضعف في الداخليات وبنيات الاستقبال والإيواء.
تساهم هذه التحديات في تفاقم ظاهرة الهدر المدرسي وتضعف من فعالية المنظومة التعليمية، خاصة في صفوف الفتيات القرويات.
أزمة التعمير وتعثر التنمية المحلية
تواجه الجماعات الترابية في الإقليم صعوبات جمة في تلبية الحاجيات المتزايدة في قطاع التعمير، وذلك بسبب:
غياب تصاميم التهيئة، مما يعيق منح رخص البناء.
إشكالية أراضي الجموع وعدم تسوية وضعيتها القانونية.
تأخر إنجاز مشاريع الربط بشبكات الكهرباء والماء، مما يحرم الآلاف من الأسر من الحصول على خدمات أساسية.
تنامي الفقر والهجرة: اقتصاد يعاني من صعوبات الاحتواء
في ظل تراجع النشاط الفلاحي نتيجة للجفاف وغياب بدائل اقتصادية واضحة، يشهد الإقليم موجات متزايدة من الهجرة نحو المدن الكبرى أو حتى خارج الوطن، مما يعكس عمق الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها، ويزيد من الضغط على المراكز الحضرية القليلة بالإقليم.
قطاع السياحة: مؤهلات طبيعية مهدرة في غياب الاستثمار الفعلي
رغم ما يزخر به الإقليم من شريط ساحلي جذاب وثروات طبيعية وجبلية وتراث ثقافي متنوع، لا يزال القطاع السياحي يعاني من:
ضعف في الترويج والتسويق للمنتجات السياحية المحلية.
قلة المنشآت الفندقية المصنفة.
غياب البنية التحتية الترفيهية المتطورة.
كل ذلك يعيق إمكانية تحويل القطاع السياحي إلى بديل اقتصادي حقيقي لسكان الإقليم، خاصة الشباب.
قضايا اجتماعية وأمنية تثير القلق
تُسجل على الصعيد المحلي بعض الملاحظات المقلقة، من بينها:
تزايد الشكاوى من ارتفاع معدلات الجريمة في بعض المناطق، يُعزى ذلك جزئيًا إلى النقص في الموارد البشرية واللوجستيكية للأجهزة الأمنية.
تداول اتهامات بشأن تفشي الفساد الإداري والانتخابي، وسط ما يُقال عن نفوذ قوي للوبيات سياسية واقتصادية تتحكم في القرارات المحلية.
ضعف شبكة الإنارة العمومية وتدهور خدمات النظافة، خاصة في الدواوير المهمشة والنائية.
مشاريع معلقة… وآمال مؤجلة
لا يزال عدد من المشاريع الهيكلية التي طالما انتظرتها الساكنة قيد التعطيل أو التأخير، مثل مشاريع تزويد الدواوير بالكهرباء، وتهيئة الأسواق القروية، رغم أهميتها القصوى في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للسكان.
هل يحمل العامل الجديد بشائر التغيير؟
في ظل هذه الصورة المعقدة، يعلق مواطنو إقليم اشتوكة آيت باها آمالًا كبيرة على السيد محمد سالم الصبتي، متطلعين إلى أن يشكل تعيينه منعطفًا حاسمًا في تدبير الشأن المحلي، من خلال:
تبني سياسة انفتاح حقيقي على فعاليات المجتمع المدني والاستماع إلى نبض المواطنين.
وضع خطة عمل تشاركية واضحة المعالم والأولويات، تستجيب للتطلعات المحلية.
العمل على تسريع وتيرة إنجاز المشاريع المعلقة وإخراجها إلى حيز الوجود.
مكافحة مظاهر الفساد الإداري والسياسي بكل حزم وشفافية.الترافع القوي لدى الجهات المركزية من أجل جلب الاستثمارات الضرورية وتوفير الدعم المالي اللازم لتنفيذ المشاريع التنموية.
يبقى الأمل معقودًا على رؤية العامل الجديد وقدرته على الإصغاء والتفاعل الإيجابي، وعلى جهوده في استعادة ثقة سكان إقليم اشتوكة آيت باها وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة التي يتطلعون إليها.