
في مشهد يعكس استياءً عميقًا وتذمرًا متزايدًا، تحولت عملية “إصلاح الحفر” التي أعلنت عنها جماعة أيت ملول بمقطع الطريق الحيوي الرابط بين تمزارت وقنطرة النخيل، إلى شرارة أشعلت موجة غضب وسخرية عارمة بين سكان المدينة. فبدل أن تكون هذه الأشغال بادرة أمل لتحسين البنية التحتية المتهالكة، تحولت في نظر المواطنين إلى مجرد “حلول ترقيعية” مؤقتة، لا ترقى إلى مستوى التطلعات وتنم عن غياب رؤية استراتيجية حقيقية، وذلك على الرغم من التقارير التي تشير إلى حرص عامل الإقليم على تفقد أوضاع مدينة أيت ملول بشكل دوري.
لم يتردد العديد من المعلقين في التعبير عن غضبهم وسخريتهم مباشرة بعد نشر التدوينة الرسمية للجماعة، معتبرين أن ما تم إنجازه لا يعدو كونه ذرًا للرماد في العيون، وتجميلاً مصطنعًا لوضع مزرٍ تعيشه طرقات المدينة منذ سنوات. وبلغ السخط أوجه عندما ربط المواطنون بين توقيت هذه “الإصلاحات” وبين قرب تدشين قنطرة النخيل الجديدة، ليطفو على السطح اتهام صريح للجماعة بالتركيز فقط على تجميل الجزء الذي سيمر منه الوفد الرسمي، وتجاهل المعاناة اليومية لباقي مستعملي الطريق الذين يواجهون هشاشة بنيوية واضحة، وهو ما يثير علامات استفهام حول جدوى هذه “الإصلاحات” في ظل حرص السلطات الإقليمية على متابعة شؤون المدينة.
لم يتوان البعض في وصف هذه الأشغال بـ “المسرحية الترقيعية”، التي لا تهدف إلا إلى تحسين الصورة بشكل مؤقت خلال فترة التدشين، سرعان ما ستعود الأمور إلى ما كانت عليه، حتى أمام أعين المسؤولين الذين يتفقدون المدينة. واستدل هؤلاء باستمرار الحفر والعيوب في مقاطع أخرى من الطريق لم تشملها “الإصلاحات”، وهو ما اعتبروه دليلًا قاطعًا على “سوء النية وغياب رؤية شاملة لتهيئة حقيقية ومستدامة” تخدم مصالح المواطنين على المدى الطويل، وتستخف بجهود عامل الإقليم في تتبع أوضاع المدينة.
ولم يسلم الخطاب الرسمي للجماعة من سهام الانتقاد والسخرية، حيث استهجن العديد من المواطنين وصف عملية الترقيع بـ “الإنجاز”. واعتبروا أن طرقات أيت ملول، وخاصة المحور الرابط بين تمزارت وأسايس، أصبحت شاهدًا حيًا على التدهور البنيوي الناتج عن غياب المراقبة الصارمة أثناء تنفيذ المشاريع الكبرى، والتكرار المثير للقلق للجوء المصالح الجماعية إلى حلول ظرفية لا تعالج المشكل من جذوره، وهو ما يتناقض مع المساعي الظاهرة لعامل الإقليم للارتقاء بمستوى الخدمات في المدينة.
وفي سياق المقارنات التي لا تخلو من مرارة، عبر العديد من المعلقين عن شعورهم بالتخلف مقارنة بجماعات مجاورة استطاعت تحقيق نقلة نوعية في جودة الطرقات والبنيات التحتية. ووجه هؤلاء نداءً مباشرًا إلى المسؤولين في أيت ملول، مطالبين إياهم بتحمل مسؤولياتهم كاملة والتوقف عن “التسويق لإنجازات وهمية” لا تعكس الواقع المرير الذي يعيشه سكان المدينة يوميًا، خاصة وأن عامل الإقليم يبذل جهودًا واضحة لتتبع احتياجات المدينة وتطويرها.
إن موجة السخط العارمة التي أثارتها عملية الترقيع “المحدودة” في أيت ملول، ليست مجرد رد فعل عابر، بل هي صرخة تعبر عن إحباط عميق وتوق حقيقي للتغيير. إنها دعوة ملحة للجماعة والمجالس المنتخبة إلى تبني رؤية استراتيجية واضحة وبعيدة المدى لإصلاح البنية التحتية بشكل جذري ومستدام، بدل الاكتفاء بحلول مسكنة لا تزيد الوضع إلا تعقيدًا وتأزمًا، وتعمق الهوة بين المسؤولين وتطلعات المواطنين المشروعة في مدينة تستحق الأفضل، وبما يتماشى مع حرص السلطات الإقليمية على تتبع شؤونها.