
أكادير – تحوّلت الجلسة الثانية من دورة ماي 2025 لمجلس جماعة أكادير، المنعقدة اليوم الإثنين، إلى ساحة مواجهة سياسية مفتوحة، بعدما ألقت تصريحات زهرة المنشودي، نائبة الرئيس المكلفة بالشؤون الثقافية، بظلالها الثقيلة على أجواء النقاش داخل المجلس، حيث لم تُفلح محاولات التهدئة ولا الاعتذار الشفوي في تبديد غضب المعارضة، التي طالبت باعتذار رسمي ومؤسساتي، معتبرة ما جرى “إهانة لساكنة أكادير وسابقة خطيرة في الخطاب الجماعي”.
وكانت النائبة قد أدلت خلال الجلسة الأولى بتصريحات وصفت بـ”المستفزة”، حين قالت إن “من لم يرقه أداء المجلس فعليه مغادرة المدينة أو البلاد”، في سياق دفاعها عن حصيلة الأغلبية، وهو ما اعتبره عدد من المنتخبين والفاعلين “تهجّماً غير مقبول على حرية الرأي وتجاوزاً لاختصاصات المنتخب الجماعي”.
وفي هذا السياق، عبّر المستشار الجماعي المحامي عبد العزيز السلامي، باسم فريق المعارضة، عن استيائه الشديد، واصفاً تصريحات النائبة بـ”غير المسؤولة”، ومؤكداً أنها “تشكّل إهانة صريحة لسكان مدينة أكادير وتمس بمبدأ التعددية وحرية الرأي، التي يُفترض أن يحترمها كل من يتقلد مسؤولية عمومية”.
وأضاف السلامي:
“لقد جئنا إلى الدورة الثانية ننتظر اعتذاراً مؤسساتياً يُعيد الاعتبار للساكنة، لكننا فوجئنا بتصريحات تبريرية من نائب آخر، تسعى إلى تحويل الخطأ إلى خلاف شخصي مع المعارضة. بل الأكثر من ذلك، أُعيد توجيه الخطاب نحو تبرئة الأغلبية ورئيس المجلس، وكأن ما وقع لا يستحق حتى التوقف عنده”.
هذا الموقف يجد صداه في أوساط واسعة من الرأي العام المحلي، حيث عبرت عدة فعاليات مدنية عن انزعاجها من مضمون التصريح، معتبرة أن النائبة خانها التقدير، وأن من واجب المسؤول المنتخب التعبير عن مواقفه باحترام للساكنة وللرأي المخالف، لا بلغة الإقصاء والتعالي.
وفي المقابل، دافعت الأغلبية عن النائبة، معتبرة أن ما صدر عنها كان “زلة لسان غير مقصودة”، كما جاء على لسان نائب الرئيس المكلف بالشؤون القانونية محند أكرنان، الذي أكد أن الاعتذار تم تقديمه خلال نفس الجلسة التي صدرت فيها التصريحات.
وقال أكرنان:
“الاعتذار الصادر كافٍ من الناحية الأخلاقية والسياسية، وتم في المكان الصحيح. أما الحكم على صدقيته، فهو يعود للساكنة”، مضيفاً أن بعض الأعضاء قبلوا هذا الاعتذار بصدر رحب.
أما كاتب المجلس، فقد اعتبر أن الجدل “مبالغ فيه”، وأن النائبة كانت بصدد الدفاع عن تجربة المجلس التنموية، غير أن “التعبير خانها”، على حد وصفه، متهماً بعض أطراف المعارضة بـ”الابتزاز السياسي ومحاولة توسيع الشرخ دون مبرر حقيقي”.
وذهب بعض أعضاء الأغلبية إلى اعتبار الجدل محاولة لاستهداف رئيس المجلس، عزيز أخنوش، وتحميله مسؤولية كل التفاصيل، وهو ما وصفوه بـ”التحامل الممنهج” من طرف معارضين لا يمتلكون نقداً موضوعياً لعمل المجلس.
لكن هذه التبريرات لم تُقنع المعارضة ولا شريحة مهمة من المتابعين، الذين يرون أن خطورة ما جرى لا تكمن فقط في “الزلة”، بل في السياق السياسي والتنموي الذي تمر منه المدينة، والذي يتطلب تعزيز الثقة وتكريس أخلاقيات الخطاب العمومي، وليس المسّ بها.
وفي المحصلة، فإن ما قاله عبد العزيز السلامي يعكس صوتاً صريحاً ومنطقياً لجزء واسع من ساكنة أكادير، التي لا تنتظر من ممثليها الخطاب الإقصائي، بل الحوار والاحترام والمسؤولية في القول والفعل.