
تحوّل نهائي دوري رمضان لكرة القدم، الذي احتضنه ملعب الحي الجديد بحي أزرو في أيت ملول مساء الأحد 6 أبريل 2025، إلى منصة احتجاجية عفوية للشباب. الدوري، الذي نظمته جمعية المواطنة والتسامح للأعمال الاجتماعية والثقافية بشراكة مع جمعية شباب أزرو لكرة القدم الشاطئية، شهد أجواءً احتفالية بهيجة امتزجت فيها الروح الرياضية بالإبداع الفني وحضور جماهيري لافت من مختلف أنحاء المدينة.
لكن هذا الحدث الرياضي والشبابي البارز لم يخلُ من رسائل احتجاجية قوية ومباشرة. فقد عبّر شباب الحي عن استيائهم العميق من واقع التهميش والإهمال الذي يعانون منه، مطالبين بالتنمية المحلية ومرددين شعارات مؤثرة هزت المكان:
“كل أزرو حفرتموها، ثم الماء قطعتموه”
“5 سنوات = 0 إنجاز”
هذه الهتافات الصادقة كشفت بوضوح عن حالة الغضب المتصاعدة في صفوف شباب المنطقة، وتحديدًا تجاه المجلس الجماعي لأيت ملول، الذي حمّله المحتجون المسؤولية السياسية المباشرة عن هذا الوضع المزري. وعبّروا عن خيبة أملهم إزاء ما وصفوه بفشل المجلس في تحقيق تطلعات الساكنة، خاصة فيما يتعلق بالبنيات التحتية الرياضية، وضعف قنوات التواصل، وتراكم الوعود التي ظلت حبرًا على ورق.
غياب لافت لممثلي جماعة أيت ملول يثير الاستياء والتساؤلات
وقد زاد من حدة الاحتقان الشعبي الغياب الملحوظ والمثير للاستغراب لممثلي المجلس الجماعي لأيت ملول عن هذا الحدث الهام، على الرغم من الحضور اللافت لرئيس جماعة إنزكان، السيد رشيد المعيفي، ورئيس جماعة التمسية، بالإضافة إلى ممثلين عن السلطات المحلية والأمن.
هذا الغياب أثار موجة من التساؤلات المشروعة في أوساط الساكنة والجمعيات المنظمة، التي اعتبرته استمرارًا لسياسة “اللامبالاة” المزعجة، وقطعًا غير مبرر لأواصر التواصل الحيوي بين المجلس وساكنة حي أزرو، الذي يُعد واحدًا من أكبر وأهم الأحياء الحضرية في المدينة.
محمد ولكاش يصدح: الرياضة صوت الشباب وأزرو تستحق اهتمامًا أكبر
في تدوينة مؤثرة عبر حسابه على فيسبوك، عبّر الإعلامي الأمازيغي القدير محمد ولكاش عن دهشته واستيائه العميق من غياب ممثلي الجماعة، قائلاً بصدق:
“فإلى متى ستستمر هذه القطيعة المؤسفة بيننا نحن الساكنة والمجلس الموقر؟”
وأضاف ولكاش أن هذا الحدث الرياضي تحول بشكل عفوي إلى منبر شبابي حر وصادق عبّر عن هموم حقيقية ومُلحة، وعلى رأسها قضايا الشباب، وأزمة المياه، والاحتياجات الرياضية، ومشاكل النقل، والفوضى في السوق المحلي.
ويُذكر أن محمد ولكاش، الذي يُعد قامة إعلامية أمازيغية بارزة في منطقة سوس، يتميز بدفاعه المستميت عن قضايا الشباب والثقافة الأمازيغية، وبتغطيته العميقة للقضايا المحلية لأكثر من ثلاثة عقود.
احتجاج حضاري بِنَفَس وطني ومسؤول
وعلى الرغم من الطابع الاحتجاجي الواضح، فقد سادت أجواء من الانضباط والروح الرياضية العالية فعاليات اللقاء. وعبر المشاركون والمنظمون عن تمسكهم الراسخ بقيم المواطنة الحقة والتسامح النبيل والعمل المدني البناء، مؤكدين أن تحركاتهم المشروعة نابعة من غيرتهم الصادقة على أحيائهم ورفضهم القاطع لتحويل حي أزرو إلى منطقة مهمشة ومنسية رغم ما يزخر به من طاقات وإمكانيات.
كما وجهوا نداءً عاجلاً وواضحًا إلى ضرورة إعادة تقييم شامل للسياسات المحلية الموجهة للشباب، وفتح قنوات حوار جاد ومسؤول مع المجالس المنتخبة من أجل بلورة حلول تنموية مستدامة وشاملة تستجيب بفعالية لتطلعات الساكنة المشروعة.
رسالة أزرو الواضحة: الشباب ليسوا مجرد متفرجين، بل فاعلون ينتظرون الإنصات والاعتراف
لقد شكل هذا النهائي الرياضي محطة مفصلية وهامة، ليس فقط على الصعيد الرياضي، بل أيضًا على المستويين الاجتماعي والسياسي. فقد وجهت الساكنة وشباب حي أزرو رسالة قوية ومباشرة مفادها أن الفضاء الرياضي يمكن أن يكون أيضًا منبرًا للتعبير الحر عن الآراء والمطالب، وأن الشارع لم يعد صامتًا أو مهمشًا، وأن الزمن الذي يُستبعد فيه الشباب من دائرة صنع القرار المحلي قد ولى بلا رجعة.
وفي انتظار تفاعل إيجابي ومسؤول من الجهات المعنية، يبقى صوت أزرو عاليًا ومدويًا:
“نريد تنمية حقيقية تحفظ كرامتنا، ومجالس منتخبة تصغي بإنصات لصوت الشارع الحي لا أن تدير له ظهرها.”