
أثارت زيارة عزيز أخنوش، رئيس الحكومة المغربية ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، لإقليم الحوز العديد من التساؤلات حول خلفيات هذه الزيارة وتوقيتها وطبيعتها. فبينما يُعتبر التواصل مع المواطنين وزيارتهم من صميم مسؤولية أي رئيس حزب سياسي، يظل غياب التحرك الحكومي الرسمي بعد كارثة الزلزال التي ضربت المنطقة يثير الكثير من الاستفهامات.
زيارة بصفة حزبية أم حكومية؟
زيارة الحوز جاءت بصبغة حزبية، مما أثار تساؤلاً مشروعًا: لماذا لم يتحرك السيد أخنوش بصفته الحكومية لزيارة المتضررين؟ في ظل الظروف الصعبة التي عاشتها المنطقة، من حرارة الصيف إلى برد الشتاء القارس، كان من المنتظر أن يقوم رئيس الحكومة بزيارة تفقدية، يتواصل فيها مباشرة مع السكان الذين يعانون من غياب الإيواء المناسب والذين يعيشون في خيام مؤقتة. كان الأجدر أن تكون هذه الزيارة مناسبة للإعلان عن خطط حكومية واضحة لجبر الأضرار وتسريع عمليات إعادة الإعمار، بدل الاكتفاء بالتواصل من منطلق حزبي.
جمعية “جود” والخلفية الانتخابية
أثارت مرافقة جمعية “جود” لرئيس الحزب خلال هذه الزيارة جدلاً واسعًا. فهذه الجمعية التي تُعرّف نفسها كمنظمة خيرية غير سياسية، سبق أن وُجّهت لها اتهامات باستغلال العمل الخيري لخدمة الأجندة الانتخابية لحزب التجمع الوطني للأحرار. وقد سبق لوزير العدل الحالي، عبد اللطيف وهبي، أن ندد علانية بهذا الاستغلال أثناء جائحة كوفيد-19، حيث استفادت الجمعية من امتيازات لم تُمنح لرؤساء الجماعات الترابية، مما أثار اتهامات بالتحايل على القوانين.
اليوم، مع اقتراب موعد الانتخابات، يعيد السيد أخنوش استخدام نفس الورقة، عبر دعم تحركات الجمعية التي تتوفر على ميزانيات ضخمة، ما يعزز الشكوك حول استغلال هذه الأنشطة لتحقيق مكاسب سياسية على حساب الحياد المطلوب في العمل الخيري.
زيارة المؤسسات العمومية: خلط بين المسؤوليات؟
شملت الزيارة مدارس عمومية وملاعب للقرب، وهي منشآت تقع تحت إشراف وزارة التربية الوطنية التي يُديرها يونس برادة، وهو عضو بارز في حزب التجمع الوطني للأحرار. هذا الأمر يطرح تساؤلاً حول الحياد المفترض لهذه المؤسسات، وهل يُسمح لباقي الأحزاب بتنظيم أنشطة حزبية مشابهة داخل مؤسسات عمومية؟
وإذا كان السيد أخنوش قد زار هذه المؤسسات بصفته الحكومية، ثم انتقل في نفس اليوم لممارسة أنشطة حزبية، فإن هذا الخلط بين المسؤوليات الحكومية والحزبية يُعد استغلالاً واضحًا للمنصب.
بين الانتقاد والانتظار
المشهد السياسي المغربي يتطلب اليوم أكثر من أي وقت مضى وضوحًا في الفصل بين الأدوار الحكومية والمسؤوليات الحزبية. فاستغلال العمل الخيري والمؤسسات العمومية لأغراض حزبية يُضعف ثقة المواطنين في العملية السياسية، خاصة في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها العديد من المغاربة.
على رئيس الحكومة أن يُقدّم الأولوية لتحمل مسؤولياته الوطنية بعيدًا عن الحسابات الانتخابية الضيقة. فالمرحلة تتطلب قيادة حكومية تُركز على تخفيف معاناة المواطنين وإعادة بناء المناطق المتضررة، لا استغلال هذه الأزمات لتعزيز شعبية حزبه.