العقد الاجتماعي الجديد: “حزب الاستقلال يصوغ مستقبل شباب الوطن”

إبراهيم الدمسيري
الكاتب الإقليمي لشبيبة الاستقلال بالصويرة

 

إن أعظم ألم يمكن أن يصيب الأمة هو ترك شبابها بلا دور في المستقبل. هذا مبدأ يتشبث به حزب الاستقلال، ويندد بضرورة إرساء دور للشباب في القرارات السياسية التي يجب أن يُبنى عليها العهد الحديث، والتي من الضروري أن تُدرج في النقاط الأولى لأجندة الدولة، لأن المحرك الرئيسي والدم الذي يجري في كل مجتمع هم الشباب؛ فبصلاحهم تصلح الدولة، ويُورَّث الإصلاح من جيل إلى جيل، وبهم تبقى الدولة والمجتمع في ضمان شامل للرقي والازدهار والحقوق المتوارثة. فالشباب هم قلب الدولة، إن أُهملوا تخللت أركانها، وإن أُصلحوا تحسن حالها، وإن تُركوا فسدت سائر مؤسساتها. وباعتبارنا دولة ديمقراطية، فلا يمكن أن تزدهر الديمقراطية إلا حينما يُمنح الشباب حرية المشاركة والإبداع؛ فهم الأمل في مستقبل الأمة، وعليهم أن يتحملوا مسؤولياتهم لبناء مستقبل أفضل.

إن الروح والأمل اللذين طالما بثّهما حزب الاستقلال في نفوس شباب المملكة المغربية قلّ نظيرهما، بل إن بوادرهما كانت منذ تأسيس الحزب، وذلك باختياره دائمًا البديل المناسب لحل المشاكل الاجتماعية، وعدم الانحصار فيما ورثته لنا الأجيال السابقة، والحث على ضرورة الحداثة الفكرية والسياسية التي تتواكب مع تطور العصر والسير به قُدُمًا.

إن إطلاق العقد الاجتماعي الجديد الذي أطلقه الأخ الأمين العام الدكتور نزار بركة يوم 11 يناير 2025 في خطابه يؤكد على مواصلة العهد والتمسك بالمبادئ التي تأسس عليها الحزب وسار عليها. إذ أن فكرة كهذه، واتحادنا على تنزيلها، سيعطينا قفزة نوعية في المسار السياسي المغربي، وسيختصر لنا سنوات عدة في سنة واحدة، وذلك اعتمادًا على التواصل الذي حث عليه الأخ الأمين العام مع كل شرائح الشباب في وطننا، لأن مشاكلهم تختلف باختلاف التوزيع الجغرافي والفكري والطبقي. وهذا هو الدور الذي تقوم به الشبيبة الاستقلالية من خلال منظماتها وجمعياتها الموازية التي تضم كل فئات المجتمع، والتواصل الدائم معهم وتكوينهم ليكونوا قادة مستقبليين.

إن بوادر هذا الصرح العظيم لم تتوقف هنا؛ ففي خطوة غير مسبوقة تعكس رؤية مستقبلية وانفتاحًا على أحدث الابتكارات، أطلق حزب الاستقلال أول مناضلين رقميين شباب من نوعهما، تم تطويرهما عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة. هذا الإنجاز يمثل علامة فارقة في مسار الحزب، وعلى المشهد السياسي الوطني، حيث يُضيف بُعدًا جديدًا لحضوره الرقمي، ويؤكد ريادته في مواكبة التحولات التكنولوجية. كما يعكس التزام الحزب بتعزيز تواصله مع المواطنات والمواطنين، خصوصًا فئة الشباب، عبر أدوات عصرية قادرة على تحقيق تأثير أعمق وتجسير الفجوة بين العمل السياسي التقليدي واحتياجات الأجيال الحديثة. وكما أشرنا سابقًا، فإن الحداثة في الفكر الاستقلالي ليست وليدة اليوم، بل إن الزعيم علال الفاسي قد ضمنها قديمًا في معظم كتاباته، خصوصًا في كتابه الشهير “النقد الذاتي” في قوله: “إن اهتمامنا الأول يجب أن يكون بتوجيه الشباب المثقف أو الذي يتثقف لنربي في نفسه إعادة النظر والبحث وقاعدة الدراسة، ولذلك فإن شباب هذا الحزب أول من تم دعوتهم للنظر في هذه الفصول حتى يتسنى لهم أن يشاركوا في تكوين البرنامج الذي سيعمل حزبنا على وضعه للمغرب المستقبلي بحول الله” (مشروع النقد الذاتي)، مبينًا بهذا الفكر المتجدد لمواكبة العصر.

إن عدم الاعتماد على اللامركزية التفريقية والتفكير المحدود في نطاق الفئة الواحدة، ووجوب التفكير بشمولية واسعة دون النظر إلى الاختلافات الطبقية والقبلية والعمرية، والنظر إلى القدرة المعرفية السليمة والمتحضرة التي تفكر في الغد الجيد من خلال تعليمها الجيد القويم والحسن، هو الأساس الذي يتبناه العقد الاجتماعي الجديد. فبعد هذا النوم السياسي للشباب في السنوات الأخيرة، يسعى حزب الاستقلال من خلال مشروعه الجديد إلى إرجاع القيمة الضائعة التي كانت متجسدة في وجدان أجدادنا عندما كانوا شبانًا واعين وسياسيين مناضلين حقوقيين لأجل مصلحة الوطن والمواطن، وإرجاع أمجاد الماضي، وخصوصًا الحكمة والبصيرة والوعي السياسي اللذين أبان عنهما الشباب الاستقلالي إبان صياغة وثيقة الاستقلال.

ولهذا، فيجب على كافة الشباب المنتمي لحزب الاستقلال أن يأخذ بجدية هذا المشروع السياسي القويم، والتركيز الشامل على تفاصيله، والعمل المتحد على تنزيله على أرض الواقع. فهذه دعوة لكل الشباب الاستقلالي الغيور بالاتحاد خلف توجيهات الأخ الأمين العام، وجعل سنة 2025 سنة فاصلة في التغيير السياسي المستقبلي لمغرب أفضل تحت القيادة الرشيدة لمولانا صاحب الجلالة الملك محمد السادس أيده الله، وباتخاذ مناضلينا القدماء معيارًا يُقتدى به في المحطة النضالية القادمة، والسير نحو تعبئة صفوف الشباب على المستوى المحلي من أجل إنجاح هذا المشروع الذي يؤكد الرؤية الحكيمة للحزب. وكما قال الزعيم علال الفاسي في كتابه “منهج الاستقلالية” مستشهدًا بزمن النضال: “كانت المعجزة المغربية في هذه الحركة التي انبثقت من أيدينا نحن الشباب الاستقلالي، وفيها الانطلاق الذي لا يقف عند الكفاح مهما كانت جبهاته ومهما كانت شدته”.

ويسير حفيده الدكتور نزار بركة على نهجه بقوله في خطابه الأخير: “إن كان شباب التحرير بالأمس يثير الإعجاب، فإن الرهان معقود على شبابنا اليوم للعب دوره كاملًا لقيادة المرحلة باستثمار طاقته التي يزخر بها في مواجهة التحديات وكسب رهان الحاضر والمستقبل”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى