شكلت 2024 لحظة فارقة في مسار النزاع حول الصحراء المغربية، حيث شهدت تكاملا بين الانتصارات الدبلوماسية والميدانية التي حققها المغرب، الذي يوازيه نكوص حاد في وضع “بوليساريو” داخليا وخارجيا، خصوصا مع التصدعات العميقة التي طالت هياكلها، والاضطرابات الأمنية التي تشهدها مخيمات تندوف، فيما يبدو أنه اقتراب لإعلان نهاية وشيكة لهذا التنظيم المتهالك.
وقالت الصباح التي أوردت هذا الجرد لسنة 2024، أن من أبرز معالم هذه الانتكاسات في أوروبا، حيث شكل الاعتراف الفرنسي بسيادة المغرب على الصحراء، تطورا دبلوماسيا كبيرا ونقطة تحول جوهرية في التعاطي الأوربي مع هذه القضية، لعل أبرز معالمها حل البرلمان الأوربي، ما عرف بمجموعة الصداقة البرلمانية الصحراوية، انتصارا مشهودا دق آخر مسمار في نعش “بوليساريو” وأطروحتها، في ظل وصول العدد الإجمالي للدول المؤيدة لمقترح الحكم الذاتي إلى 113 دولة، في إطار سلسلة من التحولات الإستراتيجية في المواقف العالمية تجاه هذا النزاع المفتعل.
أما في القارة الأمريكية الجنوبية، فقد تزايدت عزلة “بوليساريو” في 2024، مع إعلان دول مثل الإكوادور وبنما تعليق اعترافها بالجمهورية المزعومة، ما كشف هشاشة التحالفات التي كانت تعتمد عليها الجزائر في حشدها للدعم لصالح صنيعتها التي تآكلت سرديتها الانفصالية إفريقيا أيضا، حيث استمر مسلسل افتتاح القنصليات في العيون والداخلة، التي ارتفع بها عدد القنصليات إلى أكثر من ثلاثين، بينها حوالي 40 في المائة من دول الاتحاد الإفريقي الذي تنازل عن البت في قضية الصحراء لصالح مجلس الأمن الدولي و هو ما يعني أن الوقت قد حان لطرد “بوليساريو” من هذه المنظمة الإفريقية، بعدما اشترت بها الجزائر في ظلمة ليل، عضوية غير قانونية في أروقة الاتحاد الإفريقي.
وبخصوص تطور الأوضاع ميدانيا، فقد بسط المغرب سيطرته الفعلية على كل الأراضي شرق الجدار الأمني، التي كانت تستغلها “بوليساريو” إلى حدود 2020، قواعد خلفية لأنشطتها الإجرامية في منطقة الساحل، وهو وضع ألقى بظلاله على معنويات ميليشيات تنظيمها، التي أصبحت تعاني حالة من العزلة والإحباط، أدت إلى اندلاع توترات غير مسبوقة، تمثلت في تمرد عسكري نفذته مجموعة من العناصر المسلحة التابعة للقاعدة الخلفية للناحية العسكرية الأولى الموجودة بالرابوني، التي احتجزت قائد الناحية وأعوانه، للمطالبة بنصيبهم من عملية سرقة وبيع 35 طنا من المحروقات داخل التراب الموريتاني، قبل الإفراج عنه بعد تهديد الجيش الجزائري باستعمال القوة لتحرير الرهائن.
لم يكن هذا التمرد العسكري الذي شهدته مخيمات تندوف في 2024 مجرد حادثة عابرة، بل يعكس أزمة عميقة داخل المخيمات، التي باتت تفقد فيها “بوليساريو” السيطرة على عناصرها وسط تزايد الاحتقان الداخلي في صفوف الشباب، الذي وجد نفسه بين مطرقة الوضع المزري للمخيمات وسندان الجيش الجزائري، الذي يجهز على أي من الصحراويين الذين يحاولون البحث عن موارد للعيش خارج أسوار هاته المخيمات.
ولا أدل على ذلك مما حدث أواخر ماي 2024، حيث قصف الجيش الجزائري مجموعة من المنقبين الصحراويين عن الذهب في منطقة “إكيدي”، جنوب مخيم الداخلة، مما أسفر عن مقتل ثلاثة شباب صحراويين على الأقل، وسط تعتيم إعلامي صارخ حول الحادثة.