الاتحاد المغربي للشغل وحق الإضراب: ملاحظات ومقترحات لتعديل مشروع القانون التنظيمي

في إطار التفاعل مع مشروع القانون التنظيمي 15-97 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، الذي عرضه وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولات الصغرى والمتوسطة والتشغيل والكفاءات على البرلمان، أبدى الاتحاد المغربي للشغل (UMT) ملاحظات ومقترحات تفصيلية في مذكرة جوابية بتاريخ 25 نونبر 2024، وذلك بعد أن تلقت النقابة المراسلة من الوزارة في 11 نونبر 2024.

الاتحاد المغربي للشغل، الذي يعتبر من أبرز القوى النقابية في المغرب، أبدى تحفظات قوية على مشروع القانون المقترح، مشيراً إلى ضرورة إجراء مراجعات جوهرية تتعلق بدستورية حق الإضراب، الذي يُعتبر جزءاً أساسياً من الحريات العامة وحقوق الإنسان. وقد أكد الاتحاد على أن حق الإضراب حق دستوري وإنساني يجب أن يُمارس دون قيود تعسفية، خاصة في ظل غياب الحوار الاجتماعي المتكامل مع الحركة النقابية المغربية.

1. المبادئ العامة للقانون:
المذكرة الجوابية تبدأ بالتركيز على ضرورة أن يتسم النص القانوني بالوضوح، والعدالة، والتوازن. في هذا السياق، شدد الاتحاد على ضرورة تجنب لغة الزجر والعقاب التي تتضمنها بعض مواد المشروع، خاصة في ما يتعلق بالعقوبات الزجرية والحبسية. فبدلاً من استخدام هذه اللغة، يجب أن يعتمد النص على لغة حقوقية تعزز ويحمي حق الإضراب، إذ يُعتبر هذا الحق من أركان الديمقراطية والحريات العامة.

2. مقترح الديباجة:
الاتحاد المغربي للشغل اقترح إضافة ديباجة توضح الأسس والمبادئ التي يجب أن يرتكز عليها مشروع القانون. هذه الديباجة يجب أن تذكر التأصيل الدستوري لحق الإضراب، مرجعية الاتفاقيات الدولية، خصوصاً مع منظمة العمل الدولية، بالإضافة إلى إشارات إلى المسار التاريخي والنضالي للحركة النقابية المغربية في دفاعها عن هذا الحق.

3. مراجعة المواد المتعلقة بالعقوبات:
أحد النقاط التي تثير قلق الاتحاد هو وجود مواد في المشروع تعاقب النقابيين والمضربين بعقوبات تصل إلى الحبس والغرامات، وهي مواد يُعتبرها الاتحاد مجحفة. حيث يشدد على أن الإضراب هو آلية احتجاج سلمية دفاعاً عن الحقوق والمصالح، وبالتالي لا يمكن معاقبة الأفراد أو الجماعات التي تمارس هذا الحق.

4. الجهة الداعية للإضراب:
الاتحاد اقترح أن تكون الدعوة للإضراب مفتوحة ليس فقط أمام النقابات والهيئات المهنية، بل أيضاً للأفراد والجماعات. ويُعتبر هذا المقترح خطوة نحو تعزيز حرية التعبير والتنظيم، مشيراً إلى أن حقوق الأجراء في الدعوة للإضراب يجب ألا تكون محصورة أو مقيدة.

5. إشكالية الجمع العام للأجراء:
من بين المواد التي أثارها الاتحاد هو ما يتعلق بإجراءات الجمع العام للأجراء، حيث اعتبرها بمثابة عائق أمام ممارسة حق الإضراب. فالاتحاد يرى أن هذا الإجراء معقد ويشترط موافقة مشغلين أو إدارات، مما يعيق ممارسة الحق بشكل فعال. ولذلك، طالب الاتحاد بحذف هذه المادة من المشروع.

6. ممارسات الإضراب في القطاع العام:
الاتحاد المغربي للشغل رفض فرض أي قيود استثنائية على ممارسة حق الإضراب في القطاع العام. واعتبر أن الإضراب حق مكفول للجميع، سواء في القطاع العام أو الخاص، وأنه لا يجوز التمييز بين الفئات في هذا المجال.

7. آجال الإضراب:
الاتحاد اقترح أن تكون آجال الدعوة للإضراب مرنة ومعقولة، حيث أشار إلى أنه في بعض الحالات يمكن أن يكون الإضراب مفاجئاً أو فوريًا في حال المساس بالحريات النقابية أو الأوضاع الصحية أو المهنية. كما دعا إلى احترام مبدأ “الحق في المفاجأة” الذي أقرته محكمة العدل الدولية.

8. الرفض التام لعرقلة حرية العمل:
من النقاط التي تم التركيز عليها هو الرفض القاطع لاعتبار ممارسة حق الإضراب عرقلة لحرية العمل. الاتحاد أكد أن إضراباً سلمياً لا يمكن اعتباره احتلالاً لأماكن العمل أو عرقلة للإنتاج، داعياً إلى حذف أي مواد قد تُستغل لتجريم الإضراب.

9. التدخل القضائي:
الاتحاد المغربي للشغل أبدى اعتراضه على أي تدخل من القضاء الاستعجالي في نزاعات الإضراب، مشيراً إلى أن القضايا المتعلقة بالإضراب هي نزاعات شغلية يجب أن تتم معالجتها من قبل السلطات الشغلية المختصة، دون اللجوء إلى القضاء.

10. ملاحظات إضافية:
من بين الملاحظات المهمة التي تقدم بها الاتحاد هو رفضه للتعديل الذي يشرعن مسألة خصم أجور المضربين، كما طالب بإلغاء بعض المواد التي قد تفتح الباب لاستبدال العمال المضربين بعمال آخرين، وهو ما يعتبره الاتحاد انتهاكاً لحقوق العمال في التعبير عن مطالبهم.

 

المذكرة الجوابية التي تقدم بها الاتحاد المغربي للشغل هي بمثابة دعوة لتعديل مشروع القانون التنظيمي 15-97 بما يتماشى مع الدستور ويضمن تعزيز حقوق الأجراء والحريات النقابية. ويعبر الاتحاد عن استعداده المستمر للحوار البناء مع جميع الأطراف من أجل صياغة قانون تنظيمي متوازن وعادل يضمن ممارسة حق الإضراب دون أي عراقيل قانونية أو عقوبات غير مبررة.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى